الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***
(تِسْعٌ أَحَدُهَا: إزَالَةُ شَعْرٍ) مِنْ بَدَنِهِ كُلِّهِ (وَلَوْ مِنْ أَنْفِهِ) بِلَا عُذْرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} وَأُلْحِقَ بِالْحَلْقِ الْقَلْعُ وَالنَّتْفُ وَنَحْوه وَبِالرَّأْسِ سَائِرُ الْبَدَنِ بِجَامِعِ التَّرَفُّهِ (وَ) الثَّانِي (تَقْلِيمُ ظُفْرِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ) أَصْلِيَّةٍ أَوْ زَائِدَةٍ أَوْ قَصُّهُ وَنَحْوه، لِأَنَّهُ إزَالَةُ جُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ يَتَرَفَّهُ بِهِ أَشْبَهَ الشَّعْرَ (بِلَا عُذْرٍ) فَإِنْ أَزَالَ شَعْرَهُ أَوْ ظُفْرَهُ لِعُذْرٍ لَمْ يَحْرُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} وَلِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، وَفِيهِ " فَقَالَ {كَأَنَّ هَوَامَّ رَأْسِك تُؤْذِيك فَقُلْت: أَجَلْ قَالَ: فَاحْلِقْهُ وَاذْبَحْ شَاةً، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تَصَدَّقْ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ} فَإِنْ أَزَالَهُ لَأَذَاهُ (كَمَا لَوْ خَرَجَ بِعَيْنِهِ شَعْرٌ أَوْ كُسِرَ ظُفْرُهُ فَأَزَالَهُمَا) أَيْ الشَّعْرَ بِعَيْنِهِ، وَالظُّفْرَ الْمُنْكَسِرَ، فَلَا فِدْيَةَ، لِأَنَّهُ أُزِيلَ لِأَذَاهُ، أَشْبَهَ قَتْلَ الصَّيْدِ الصَّائِلِ عَلَيْهِ (أَوْ زَالَا) أَيْ الشَّعْرُ وَالظُّفْرُ (مَعَ غَيْرِهِمَا) كَقَطْعِ جِلْدٍ عَلَيْهِ شَعْرٌ أَوْ أُنْمُلَةٍ كَظُفْرِهَا (فَلَا يَفْدِي لِإِزَالَتِهِمَا) لِأَنَّهُمَا بِالتَّبَعِيَّةِ لِغَيْرِهِمَا، والتَّابِعُ لَا يُفْرَدُ بِحُكْمٍ، كَقَطْعِ أَشْفَارِ عَيْنِ إنْسَانٍ يَضْمَنُهُمَا دُونَ أَهْدَابِهِمَا (إلَّا أَنْ يَحْصُلَ التَّأَذِّي بِغَيْرِهِمَا كَقَرْحٍ وَنَحْوِهِ) كَقَمْلٍ، وَشِدَّةِ صُدَاعٍ وَحَرٍّ، فَيَفْدِي لِإِزَالَتِهِمَا لِذَلِكَ، كَمَا لَوْ احْتَاجَ لِأَكْلِ صَيْدٍ فَأَكَلَهُ، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ (وَمَنْ طُيِّبَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ بِإِذْنِهِ أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ (أَوْ حُلِقَ رَأْسُهُ) مَثَلًا، أَوْ قُلِمَ ظُفْرُهُ (بِإِذْنِهِ أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ) أَيْ الْحَالِقَ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ (أَوْ حَلَقَ رَأْسَ نَفْسِهِ أَوْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ) بِيَدِهِ (كُرْهًا فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُطَيَّبِ وَالْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ (الْفِدْيَةُ) دُونَ الْفَاعِلِ، وَلَوْ مُحْرِمًا، لِأَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ بِحَلْقِ الرَّأْسِ، مَعَ أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ غَيْرَهُ يَحْلِقُهُ، وَلِأَنَّ الْمَفْعُولَ بِهِ مُفَرِّطٌ بِسُكُوتِهِ، وَعَدَمِ نَهْيِهِ أَشْبَهَ الْوَدِيعَ يُفَرِّطُ فِي الْوَدِيعَةِ، وَلِأَنَّ الْحَلْقَ وَالتَّقْلِيمَ مُكْرَهًا إتْلَافٌ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُكْرَهُ وَغَيْرُهُ، بِخِلَافِ مَنْ طُيِّبَ مُكْرَهًا (وَإِنْ حُلِقَ رَأْسُهُ مُكْرَهًا بِيَدِ غَيْرِهِ أَوْ نَائِمًا فَالْفِدْيَةُ) عَلَى حَالِقٍ، وَكَذَا لَوْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ، لِأَنَّهُ أَزَالَ مَا مُنِعَ مِنْهُ شَرْعًا كَحَلْقِ مُحْرِمٍ رَأْسَ نَفْسِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا صُنْعَ مِنْ الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ، كَإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ وَدِيعَةَ غَيْرِهِ وَكَذَا مَنْ طَيَّبَ غَيْرَهُ مُكْرَهًا أَوْ أَلْبَسَهُ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ (وَلَا فِدْيَةَ بِحَلْقِ مُحْرِمٍ) شَعْرَ حَلَالٍ (أَوْ تَطَيُّبِهِ) أَيْ: الْمُحْرِمِ (حَلَالًا) بِلَا مُبَاشَرَةِ طِيبٍ وَكَذَا لَوْ قَلَمَ ظُفْرَ حَلَالٍ أَوْ أَلْبَسَهُ مَخِيطًا لِإِبَاحَتِهِ لِلْحَلَالِ (وَيُبَاحُ) لِمُحْرِمٍ (غَسْلُ شَعْرِهِ بِسِدْرٍ وَنَحْوِهِ) نَصًّا فِي حَمَّامٍ وَغَيْرِهِ بِلَا تَسْرِيحٍ وَاحْتَجَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد بِالْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ، وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ النَّظَافَةُ وَإِزَالَةُ الْوَسَخِ كَالْأُشْنَانِ وَلَهُ أَيْضًا حَكُّ بَدَنه وَرَأْسِهِ بِرِفْقٍ؛ مَا لَمْ يَقْطَعْ شَعْرَهُ (وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ لِمَا) أَيْ شَعْرٍ (عُلِمَ أَنَّهُ بَانَ بِمُشْطٍ أَوْ تَخْلِيلٍ) كَمَا لَوْ زَالَ بِغَيْرِهِمَا وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَسَقَطَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَهِيَ) أَيْ الْفِدْيَةُ (فِي كُلِّ يَوْمٍ فَرْدٍ) أَيْ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ ظُفْرٍ وَاحِدٍ (أَوْ بَعْضِهِ) أَيْ الْفَرْدِ الْوَاحِدِ (مِنْ دُونِ ثَلَاثٍ مِنْ شَعْرٍ أَوْ ظُفْرٍ) كَشَعْرَتَيْنِ، أَوْ ظُفْرَيْنِ، أَوْ بَعْضِهِمَا، أَوْ أَحَدِهِمَا وَبَعْضِ الْآخَرِ (إطْعَامُ مِسْكِينٍ) عَنْ كُلِّ شَعْرَةٍ أَوْ بَعْضِهَا، وَعَنْ كُلِّ ظُفْرٍ أَوْ بَعْضِهِ، لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا وَجَبَ فِدْيَةً شَرْعًا وَيَأْتِي حُكْمُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ مِنْ ذَلِكَ فِي الْبَابِ بَعْدَهُ (وَتُسْتَحَبُّ) الْفِدْيَةُ (مَعَ شَكٍّ) هَلْ بَانَ الشَّعْرُ بِتَخْلِيلٍ أَوْ مَشْطٍ أَوْ كَانَ مَيِّتًا، وَكَذَا لَوْ خَلَّلَ لِحْيَتَهُ وَشَكَّ هَلْ سَقَطَ شَيْءٌ احْتِيَاطًا (الثَّالِثُ: تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ) أَيْ رَأْسِ الذَّكَرِ إجْمَاعًا لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحْرِمَ عَنْ لُبْسِ الْعَمَائِمِ وَالْبَرَانِسِ، وَقَوْلُهُ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ {وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ؛ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَتَقَدَّمَ: {الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ} وَكَذَا الْبَيَاضُ فَوْقَهُمَا (فَمَتَى غَطَّاهُ) أَيْ الرَّأْسَ بِلَاصِقٍ مُعْتَادٍ كَبُرْنُسٍ وَعِمَامَةٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَوْ بِقِرْطَاسٍ بِهِ دَوَاءٌ أَوْ لَا دَوَاءَ بِهِ، أَوْ غَطَّاهُ بِطِينٍ أَوْ نُورَةٍ أَوْ حِنَّاءٍ، أَوْ عَصَبَهُ وَلَوْ يَسِيرًا) حَرُمَ بِلَا عُذْرٍ وَفَدَى، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ وَإِحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا} وَهِيَ أَنْ يَشُدَّ الرَّجُلُ رَأْسَهُ بِالسَّبْرِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَنَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ (أَوْ) سَتَرَهُ بِغَيْرِ لَاصِقٍ، بِأَنْ (اسْتَظَلَّ فِي مَحْمَلٍ وَنَحْوَهُ) كَمِحَفَّةٍ أَوْ اسْتَظَلَّ (بِثَوْبٍ وَنَحْوِهِ) كَخُوصٍ أَوْ رِيشٍ يَعْلُو الرَّأْسَ وَلَا يُلَاصِقُهَا (رَاكِبًا أَوْ لَا حَرُمَ بِلَا عُذْرٍ وَفَدَى) لُزُومًا، لِأَنَّهُ قَصَدَهُ بِمَا يَقْصِدُ بِهِ التَّرَفُّهَ أَوْ لِأَنَّهُ سَتَرَهُ بِمَا يَسْتَلْزِمُ وَيُلَازِمُهُ غَالِبًا أَشْبَهَ مَا لَوْ سَتَرَهُ بِشَيْءٍ يُلَاقِيهِ بِخِلَافِ نَحْوِ خَيْمَةٍ و(لَا) يُحْرِمُ وَلَا يُفْدَى مُحْرِمٌ (إنْ حَمَلَ عَلَيْهِ) أَيْ رَأْسِهِ شَيْئًا كَطَبَقٍ وَمِكْتَلٍ (أَوْ نَصَبَ) مُحْرِمٌ (بِحِيَالِهِ) أَيْ حِذَائِهِ وَمُقَابَلَتِهِ (شَيْئًا) يَسْتَظِلُّ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ اسْتِدَامَته أَشْبَهَ الِاسْتِظْلَالَ بِالْحَائِطِ (أَوْ اسْتَظَلَّ بِخَيْمَةٍ أَوْ شَجَرَةٍ) وَلَوْ بِطَرْحِ شَيْءٍ عَلَيْهَا يَسْتَظِلُّ بِهِ تَحْتَهَا (أَوْ بَيْتٍ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ {وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعْرٍ فَضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَأَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ (أَوْ غَطَّى) مُحْرِمٌ ذَكَرٌ (وَجْهَهُ) فَلَا إثْمَ وَلَا فِدْيَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ سُنَّةُ التَّقْصِيرِ مِنْ الرَّجُلِ، فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ سُنَّةُ التَّخْمِيرِ كَبَاقِي بَدَنِهِ (الرَّابِعُ: لُبْسُ) ذَكَرٍ (الْمَخِيطَ) فِي بَدَنِهِ أَوْ بَعْضِهِ وَهُوَ مَا عُمِلَ عَلَى قَدْرِ مَلْبُوسٍ عَلَيْهِ، وَلَوْ دِرْعًا مَنْسُوجًا أَوْ لِبْدًا مَعْقُودًا وَنَحْوَهُ (وَ) لُبْسُ (الْخُفَّيْنِ) لِأَنَّهُمَا مِنْهُ (إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ) الْمُحْرِمُ (إزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ، أَوْ) لَا يَجِدُ (نَعْلَيْنِ فَيَلْبَسُ خُفَّيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا) أَيْ الْخُفَّيْنِ (كران) وسرموذة لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا {سُئِلَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ: لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا الْعِمَامَةَ، وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ وَلَا الْخُفَّيْنِ، إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ اللُّبْسِ وَكَثِيرِهِ. قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُعْتَادٍ كَجَوْرَبٍ فِي كَفٍّ وَخُفٍّ فِي رَأْسٍ (وَيَحْرُمُ قَطْعُهُمَا) أَيْ الْخُفَّيْنِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ {سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا فَلْيَلْبَسْ السَّرَاوِيلَ لِلْمُحْرِمِ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ رَوَاهُ الْأَثْبَاتُ وَلَيْسَ فِيهِ " بِعَرَفَةَ " وَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا شُعْبَةُ وَتَابَعَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو وَلِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ وَلَيْسَ فِيهِ " يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ " وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثَيْنِ قَطْعُ الْخُفَّيْنِ قَالَ عَلِيٌّ " قَطْعُ الْخُفَّيْنِ فَسَادٌ " وَلِأَنَّ قَطْعَهُمَا لَا يَخْرُجُهُمَا عَنْ حَالَةِ الْحَظْرِ، إذْ لُبْسُ الْمَقْطُوعِ كَلُبْسِ الصَّحِيح مَعَ الْقُدْرَةِ وَفِيهِ إتْلَافُ مَالِيَّةِ الْخُفِّ وَأُجِيبَ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِأَنَّ زِيَادَةَ الْقَطْعِ اُخْتُلِفَ فِيهَا فَإِنْ صَحَّتْ فَهِيَ بِالْمَدِينَةِ لِرِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْهُ سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ فَذَكَرَهُ وَخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِعَرَفَاتٍ فَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ وَاجِبًا لَبَيِّنَهُ لِلْجَمْعِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَمْ يَحْضُرْ أَكْثَرُهُمْ ذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ وَقَوْلُ الْمُخَالِفِ: الْمُطْلَقُ يَقْضِي عَلَيْهِ الْمُقَيَّدُ: مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَأْوِيلُهُ وَعَنْ قَوْلِهِ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ زِيَادَةُ لَفْظٍ لِأَنَّ خَبَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ فِيهِمَا زِيَادَةُ حُكْمٍ، هُوَ جَوَازُ اللِّبْسِ بِلَا قَطْعٍ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ دَعْوَى النَّسْخِ (حَتَّى إزَارًا أَوْ نَعْلَيْنِ، وَلَا فِدْيَةَ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَإِنْ لَبِسَ خُفًّا مَقْطُوعًا دُونَ الْكَعْبَيْنِ مَعَ وُجُودِ نَعْلٍ حَرُمَ وَفَدَى نَصًّا وَإِنْ شَقَّ إزَارَهُ وَشَدَّ كُلَّ نِصْفٍ عَلَى سَاقٍ فَكَسَرَاوِيلَ وَإِنْ وَجَدَ نَعْلًا لَا يُمْكِنُهُ لُبْسُهَا فَلَبِسَ الْخُفَّ فَدَى نَصًّا قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: هَذَا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَاخْتَارَ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ لَا فِدْيَةَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ (وَلَا يَعْقِدُ مُحْرِمٌ عَلَيْهِ رِدَاءً وَلَا غَيْرَهُ) وَلَا يُخَلِّلُهُ بِنَحْوِ شَوْكَةٍ، وَلَا يَزُرُّهُ فِي نَحْوِ عُرْوَةٍ وَلَا يَغْرِزُهُ فِي إزَارِهِ فَإِنْ فَعَلَ أَثِمَ وَفَدَى لِأَنَّهُ كَمَخِيطٍ وَلِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ لِمُحْرِمٍ " وَلَا تَعْقِدْ عَلَيْك شَيْئًا " رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَثْرَمُ قَالَ أَحْمَدُ فِي مُحْرِمٍ حَزَمَ عِمَامَتَهُ عَلَى وَسَطِهِ: لَا يَعْقِدْهَا وَيُدْخِلُ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ (إلَّا إزَارَهُ) فَلَهُ عَقْدُهُ لِحَاجَتِهِ لِسِتْرِ عَوْرَتِهِ (وَ) إلَّا (مِنْطَقَةً وهِمْيَانًا فِيهِمَا نَفَقَةٌ) وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ " أَوْثِقْ عَلَيْك نَفَقَتَك". وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَلِحَاجَتِهِ لِسَتْرِ نَفَقَتِهِ (مَعَ حَاجَةٍ لِعَقْدِ) الْمَذْكُورَاتِ فَإِنْ ثَبَتَ هِمْيَانٌ بِغَيْرِ عَقْدٍ بِأَنْ أَدْخَلَ السُّيُورَ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ، لَمْ يَعْقِدْهُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِنْطَقَةٍ أَوْ هِمْيَانٍ نَفَقَةٌ لَمْ يَعْقِدْهُمَا فَإِنْ فَعَلَ وَلَوْ لَبِسَهُمَا لِحَاجَةٍ أَوْ وَجَعٍ فَدَى (وَيَتَقَلَّدُ) مُحْرِمٌ (بِسَيْفٍ لِحَاجَةٍ) لِقِصَّةِ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ وَلَا يَجُوزُ بِلَا حَاجَةٍ نَصًّا لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ " لَا يَحْمِلُ الْمُحْرِمُ السِّلَاحَ فِي الْحَرَمِ " قَالَ الْمُوَفَّقُ: وَالْقِيَاسُ إبَاحَتُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى اللِّبْسِ قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: وَلَا يَجُوزُ حَمْلُ السِّلَاحِ بِمَكَّةَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ (وَيَحْمِلُ) مُحْرِمٌ (جِرَابَهُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ فِي عُنُقِهِ كَهَيْئَةِ الْقِرْبَةِ قَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو لَا بَأْسَ (وَ) يَحْمِلُ (قِرْبَةَ الْمَاءِ فِي عُنُقِهِ لَا) فِي (صَدْرِهِ) نَصًّا أَيْ لَا يُدْخِلُ حَبْلَهَا فِي صَدْرِهِ (وَلَهُ) أَيْ الْمُحْرِمُ (أَنْ يَأْتَزِرَ) بِقَمِيصٍ فَيَجْعَلَهُ مَكَانَ الْإِزَارِ. (وَ) أَنْ (يَلْتَحِفَ بِقَمِيصٍ) أَيْ يَتَغَطَّى بِهِ (وَ) أَنْ (يَرْتَدِيَ بِهِ) أَيْ الْقَمِيصِ فَيَجْعَلَهُ مَكَان الرِّدَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلُبْسِ مَخِيطٍ مَصْنُوعٍ لِمِثْلِهِ (وَ) أَنْ يَرْتَدِيَ (بِرِدَاءٍ مُوَصَّلٍ) لِأَنَّ الرِّدَاءَ لَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ صَحِيحًا (وَإِنْ طَرَحَ مُحْرِمٌ عَلَى كَتِفَيْهِ قَبَاءً فَدَى) وَلَوْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِهِ لِلْمُحْرِمِ رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَلِأَنَّهُ عَادَةُ لُبْسِهِ كَالْقَمِيصِ (وَإِنْ غَطَّى خُنْثَى مُشْكِلٌ وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ) فَدَى لِتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ إنْ كَانَ ذَكَرًا أَوْ لِتَغْطِيَةِ الْوَجْهِ إنْ كَانَ أُنْثَى و(لَا) يَفْدِي خُنْثَى مُشْكِلٌ (إنْ لَبِسَهُ) أَيْ الْمَخِيطَ وَلَمْ يُغَطِّ وَجْهَهُ (أَوْ غَطَّى وَجْهَهُ وَجَسَدَهُ بِلَا لُبْسِ) مَخِيطٍ لِلشَّكِّ (الْخَامِسُ: الطِّيبُ) إجْمَاعًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ} وَأَمْرُهُ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ بِغَسْلِ الطِّيبِ وَقَوْلُهُ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ " لَا تُحَنِّطُوهُ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَلِمُسْلِمٍ {لَا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ} (فَمَتَى طَيَّبَ مُحْرِمٌ ثَوْبَهُ أَوْ بَدَنَهُ) أَوْ شَيْئًا مِنْهُمَا حَرُمَ وَفَدَى (أَوْ اسْتَعْمَلَ) مُحْرِمٌ (فِي أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ ادِّهَانٍ أَوْ اكْتِحَالٍ أَوْ اسْتِعَاطٍ أَوْ احْتِقَانٍ طِيبًا يَظْهَرُ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ) فِي الْمَذْكُورَاتِ حَرُمَ وَفَدَى (أَوْ قَصَدَ) مُحْرِمٌ (شَمَّ دُهْنٍ مُطَيَّبٍ أَوْ قَصَدَ شَمَّ مِسْكٍ أَوْ شَمَّ كَافُورٍ أَوْ عَنْبَرٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ) نَبَاتٍ أَصْفَرَ كَالسِّمْسِمِ بِالْيَمَنِ تُتَّخَذُ مِنْهُ الْحُمْرَةُ لِلْوَجْهِ حَرُمَ وَفَدَى وَلَوْ جَلَسَ عِنْدَ عَطَّارٍ أَوْ فِي مَوْضِعٍ لِيَشُمَّ الطِّيبَ (أَوْ) قَصَدَ شَمَّ (بَخُورِ عُودٍ وَنَحْوِهِ) كَعَنْبَرٍ، وَلَوْ حَالَ تَجْمِيرِ الْكَعْبَةِ حَرُمَ وَفَدَى (أَوْ) قَصَدَ شَمَّ (مَا يُنْبِتُهُ آدَمِيٌّ لِطِيبٍ وَيُتَّخَذُ مِنْهُ) الطِّيبَ (كَوَرْدٍ وَبَنَفْسَجٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالنُّونِ وَالسِّينِ مُعَرَّبٌ (وَمَنْثُورٍ) وَهُوَ الْخَيْرِيُّ (وَلَيْنَوْفَرَ وَيَاسَمِينٍ وَنَحْوِهِ) كَبَانٍ وَزَنْبَقٍ (وَشَمَّهُ) حَرُمَ وَفَدَى (أَوْ مَسَّ مَا يَعْلَقُ بِهِ) أَيْ الْمَمْسُوسِ (كَمَاءِ وَرْدٍ حَرُمَ وَفَدَى) نَصًّا لِأَنَّهُ شَيْءٌ حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ فَوَجَبَتْ بِهِ الْفِدْيَةُ كَاللِّبَاسِ و(لَا) إثْمَ وَلَا فِدْيَةَ (إنْ شَمَّ) مُحْرِمٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (بِلَا قَصْدٍ) كَمَنْ دَخَلَ سُوقًا أَوْ الْكَعْبَةَ لِلتَّبَرُّكِ وَمُشْتَرِي الطِّيبِ لِنَحْوِ تِجَارَةٍ وَلَمْ يَمَسُّهُ وَلَهُ تَقْلِيبُهُ، وَحَمْلُهُ وَلَوْ ظَهَرَ رِيحُهُ لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ (أَوْ مَسَّ) مُحْرِمٌ مِنْ طِيبِ (مَا لَا يَعْلَقُ) بِهِ كَقِطَعِ عَنْبَرٍ وَكَافُورٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ لِلطِّيبِ (أَوْ شَمَّ) مُحْرِمٌ (وَلَوْ قَصْدًا فَوَاكِهَ) مِنْ نَحْو تُفَّاحٍ وَأُتْرُجٍّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ طِيبًا (أَوْ) شَمَّ وَلَوْ قَصْدًا (عُودًا) لِأَنَّهُ لَا يُتَطَيَّبُ بِهِ بِالشَّمِّ وَإِنَّمَا يَقْصِدُ بَخُورَهُ (أَوْ) شَمَّ وَلَوْ قَصْدًا (نَبَاتَ صَحْرَاءَ كَشِيحٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ (وَنَحْوِهِ كَخُزَامَى) وَقَيْصُومٍ (أَوْ مَا يُنْبِتُهُ آدَمِيٌّ لَا بِقَصْدِ طِيبٍ كَحِنَّاءٍ وَعُصْفُرٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (وَقُرُنْفُلٍ) وَيُقَالُ: قُرُنْفُولٌ، ثَمَرَةُ شَجَرَةٍ بِسَفَالَةِ الْهِنْدِ أَفْضَلُ الْأَفَاوِيهِ الْحَارَّةِ وَأَذْكَاهَا (وَدَارِ صِينِيٍّ وَنَحْوِهَا) وَمِنْ أَنْوَاعِهِ الْقِرْفَةُ كَالزَّرْنَبِ (أَوْ) شَمَّ مَا يُنْبِتُهُ آدَمِيٌّ (لِقَصْدِهِ) أَيْ الطِّيبِ (وَلَا يُتَّخَذُ مِنْهُ طِيبٌ كَرَيْحَانٍ فَارِسِيٍّ وَهُوَ الْحَبَقُ) يُشْبِهُ النَّمَّامَ نَبْتٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ وَالرَّيْحَانُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْآسُ وَلَا فِدْيَةَ فِي شَمِّهِ (وَكَنَمَّامٍ وبَرَمٍ وَهُوَ ثَمَرُ الْعُصَاةِ كَأُمِّ غِيلَانَ وَنَحْوِهَا، وَكَنَرْجِسِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا وَكَسْرِ الْجِيمِ فِيهِمَا (وَكَمَرْزَنْجُوشَ) وَهُوَ الْمَرْدَقُوشُ وعَرَبِيَّتُهُ السَّمْسَقُ نَافِعٌ لِعُسْرِ الْبَوْلِ وَالْمَغَصِ وَلَسْعَةِ الْعَقْرَبِ (وَنَحْوِهَا) كَالنِّسْرِينِ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ (أَوْ ادَّهَنَ) مُحْرِمٌ (بِ) دُهْنٍ (غَيْرِ مُطَيِّبٍ) كَشَيْرَجٍ وَزَيْتٍ نَصًّا (وَلَوْ فِي رَأْسِهِ أَوْ بَدَنِهِ) فَلَا إثْمَ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ (السَّادِسُ: قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ) إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (وَاصْطِيَادُهُ) أَيْ صَيْدُ الْبَرِّ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْهُ أَوْ يَجْرَحْهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (وَهُوَ) أَيْ صَيْدُ الْبَرِّ (الْوَحْشِيُّ الْمَأْكُولُ وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْهُ) أَيْ الْوَحْشِيِّ الْمَأْكُولِ (وَمِنْ غَيْرِهِ) كَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ وَحْشِيٍّ وَأَهْلِيٍّ وَمَأْكُولِ وَحْشِيٍّ وَغَيْرِهِ، كَسِمْعٍ، تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ (وَالِاعْتِبَارُ) فِي كَوْنِهِ وَحْشِيًّا أَوْ أَهْلِيًّا (بِأَصْلِهِ فَحَمَامٌ وَبَطٌّ) وَهُوَ الْإِوَزُّ (وَحْشِيٌّ) وَلَوْ اسْتَأْنَسَ يَحْرُمُ قَتْلُهُ وَاصْطِيَادُهُ وَيَجِبُ جَزَاؤُهُ وَإِنْ تَوَحَّشَ أَهْلِيٌّ مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَنَحْوِهِمَا لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهُ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ قَالَ أَحْمَدُ فِي بَقَرَةٍ صَارَتْ وَحْشِيَّةً لَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْإِنْسِيَّةُ (فَمَنْ أَتْلَفَهُ) أَيْ صَيْدَ الْبَرِّ وَالْمُتَوَلَّدَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ (أَوْ تَلِفَ) مَا ذُكِرَ (بِيَدِهِ) كُلُّهُ (أَوْ بَعْضُهُ بِمُبَاشَرَةِ إتْلَافِهِ أَوْ سَبَبٍ وَلَوْ) كَانَ السَّبَبُ (بِجِنَايَةِ دَابَّةِ مُحْرِمٍ مُتَصَرِّفٍ فِيهَا) بِأَنْ يَكُونَ رَاكِبًا أَوْ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْ بِيَدِهَا وَفِيهِمَا، لَا مَا نَفَحَتْ بِرِجْلِهَا وَإِنْ انْفَلَتَتْ لَمْ يَضْمَنْ مَا أَتْلَفَتْهُ (أَوْ بِإِشَارَةِ مُحْرِمٍ لِمُرِيدِ صَيْدٍ أَوْ دَلَالَتُهُ) أَيْ الْمُحْرِمِ لِمَنْ يُرِيدُ صَيْدَهُ (أَنْ لَمْ يَرَهُ) صَائِدُهُ (أَوْ بِإِعَانَتِهِ) أَيْ الْمُحْرِمِ لِمَنْ يُرِيدُ صَيْدَهُ (وَلَوْ بِمُنَاوَلَتِهِ آلَتَهُ) أَيْ الصَّيْدِ أَوْ إعَارَتِهَا لَهُ كَرُمْحٍ، وَسِكِّينٍ، وَلَوْ كَانَ مَعَ الصَّائِدِ آلَتُهُ وَإِنْ دَلَّهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ بَعْدَ رُؤْيَةِ صَائِدٍ لَهُ، أَوْ ضَحِكَ الْمُحْرِمُ، أَوْ اسْتَشْرَفَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الصَّيْدِ فَفَطِنَ لَهُ غَيْرُهُ، أَوْ أَعَارَهُ آلَةً لِغَيْرِ الصَّيْدِ فَاسْتَعْمَلَهَا فِيهِ فَلَا إثْمَ وَلَا ضَمَانَ (وَيَحْرُمُ) عَلَى الْمُحْرِمِ (ذَلِكَ) الْمَذْكُورُ مِنْ الْإِشَارَةِ وَالدَّلَالَةِ وَالْإِعَانَةِ لِأَنَّهُ مَعُونَةٌ عَلَى مُحَرَّمٍ أَشْبَهَ الْإِعَانَةَ عَلَى قَتْلِ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ وَلَا تَحْرُمُ (دَلَالَةُ) مُحْرِمٍ (عَلَى طِيبٍ وَلِبَاسٍ) لِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيهِمَا بِالسَّبَبِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا حُكْمٌ يَخْتَصُّ بِالدَّالِّ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الدَّالِّ أَكْلُهُ مِنْهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَقَوْلُهُ (فَعَلَيْهِ) أَيْ مَنْ أَتْلَفَهُ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ (الْجَزَاءُ) جَوَابُ: فَمَنْ أَيْ جَزَاءُ الصَّيْدِ الَّذِي أَتْلَفَهُ أَوْ تَلِفَ بِيَدِهِ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ مِنْ دَلَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِخَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ لَمَّا صَادَ الْحِمَارَ الْوَحْشِيَّ وَأَصْحَابُهُ مُحْرِمُونَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {هَلْ أَشَارَ إلَيْهِ إنْسَانٌ مِنْكُمْ، أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ؟ قَالُوا: لَا} وَفِيهِ {أَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشًا فَلَمْ يُؤْذِنُونِي، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْته فَالْتَفَتّ فَأَبْصَرْته ثُمَّ رَكِبْت وَنَسِيت السَّوْطَ وَالرُّمْحَ فَقُلْت لَهُمْ: نَاوِلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ قَالُوا: وَاَللَّهِ لَا نُعِينُك عَلَيْهِ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَرَوَى النَّجَّادُ الضَّمَانَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي مُحْرِمٍ أَشَارَ (إلَّا أَنْ يَقْتُلَهُ) أَيْ الصَّيْدَ (مُحْرِمٌ) وَيَكُونَ الدَّالُّ وَنَحْوُهُ مُحْرِمًا (فَ) جَزَاؤُهُ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الْقَاتِلِ وَالدَّالِّ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي التَّحْرِيمِ فَكَذَلِكَ فِي الْجَزَاءِ (وَلَوْ دَلَّ وَنَحْوَهُ) بِأَنْ أَشَارَ أَوْ أَعَانَ (حَلَالٌ) مُحْرِمًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ الْمُحْرِمُ (ضَمِنَهُ مُحْرِمٌ وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ الْحَلَالِ الدَّالِّ أَوْ نَحْوه (كَشَرِكَةِ غَيْرِهِ) أَيْ الْمُحْرِمِ (مَعَهُ) بِأَنْ اشْتَرَكَ حَلَالٌ وَمُحْرِمٌ فِي قَتْلِ صَيْدٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَلَالِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِضَمَانِهِ وَيَضْمَنُهُ الْمُحْرِمُ كُلَّهُ تَغْلِيبًا لِلْإِيجَابِ، كَصَيْدِ بَعْضِهِ بِالْحِلِّ وَبَعْضِهِ بِالْحَرَمِ وَكَشَرِكَةِ نَحْو سَبُعٍ وَإِنْ سَبَقَ حَلَالٌ أَوْ نَحْوُ سَبُعٍ إلَى صَيْدٍ فَجَرَحَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ مَجْرُوحًا وَإِنْ جَرَحَهُ مُحْرِمٌ ثُمَّ قَتَلَهُ حَلَالٌ ضَمِنَ الْمُحْرِمُ أَرْشَ جُرْحِهِ فَقَطْ وَإِنْ جَرَحَهُ مُحْرِمٌ ثُمَّ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ أَرْشُ جُرْحِهِ وَعَلَى الثَّانِي تَتِمَّةُ الْجَزَاءِ (وَلَوْ دَلَّ حَلَالٌ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ بِالْحَرَمِ فَقَتَلَهُ فَكَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ مُحْرِمًا) فَالْجَزَاءُ بَيْنَهُمَا نَصًّا (وَإِنْ نَصَبَ) حَلَالٌ (شَبَكَةً وَنَحْوَهَا) كَفَخٍّ (ثُمَّ أَحْرَمَ أَوْ أَحْرَمَ ثُمَّ حَفَرَ بِئْرًا بِحَقٍّ) كَمَا لَوْ حَفَرَهَا فِي دَارِهِ أَوْ لِلْمُسْلِمِينَ فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ أَوْ بِمَوَاتٍ (لَمْ يَضْمَنْ مَا حَصَلَ مِنْ تَلَفِ صَيْدٍ بِسَبَبِهِ) أَيْ نَصْبِ الشَّبَكَةِ وَنَحْوِهَا وَحَفْرِ الْبِئْرِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ (إلَّا أَنْ) (يَتَحَيَّلَ) عَلَى الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ بِنَصْبِ نَحْوِ الشَّبَكَةِ قَبْلَ إحْرَامِهِ لِيَأْخُذَهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْهُ فَيَضْمَنُ عُقُوبَةً لَهُ بِضِدِّ قَصْدِهِ كَنَصْبِ الْيَهُودِ الشَّبَكَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَخْذِهِمْ يَوْمَ الْأَحَدِ مَا سَقَطَ فِيهَا فَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا بِغَيْرِ حَقٍّ كَطَرِيقٍ ضَيِّقٍ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهِ مُطْلَقًا لِتَعَدِّيهِ، كَتَلَفِ آدَمِيٍّ بِهَا (وَحَرُمَ أَكْلُهُ) أَيْ الْمُحْرِمِ (مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ) أَيْ مَا صَادَهُ أَوْ دَلَّ أَوْ أَعَانَ عَلَيْهِ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ وَنَحْوِهِ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ (وَكَذَا مَا ذُبِحَ) لِلْمُحْرِمِ (أَوْ صِيدَ لِأَجْلِهِ) نَصًّا لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ {إنَّ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ أَهْدَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارًا وَحْشِيًّا فَرُدَّ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْك إلَّا أَنَّا حُرُمٌ} وَكَذَا مَا أَخَذَهُ مِنْ بَيْضِ الصَّيْدِ وَلَبَنِهِ لِأَجَلِهِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُحْرِمَ (بِأَكْلِهِ) أَيْ مَا صِيدَ أَوْ ذُبِحَ لِأَجْلِهِ (الْجَزَاءُ) أَيْ جَزَاءُ مَا أَكَلَهُ مِمَّا ذُبِحَ أَوْ صِيدَ لَهُ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ مُنِعَ مِنْهُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ أَشْبَهَ قَتْلَ الصَّيْدِ وَمَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ ثُمَّ أَكَلَهُ ضَمِنَهُ لِقَتْلِهِ لَا لِأَكْلِهِ نَصًّا لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَهِيَ لَا تُضْمَنُ (وَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُحْرِمِ (لِدَلَالَةٍ) عَلَيْهِ أَوْ إعَانَةٍ عَلَيْهِ (أَوْ صِيدَ أَوْ ذُبِحَ لَهُ) أَيْ الْمُحْرِمِ (لَا يَحْرُمُ عَلَى مُحْرِمٍ غَيْرِهِ كَ) مَا لَا يَحْرُمُ (عَلَى حَلَالٍ) لِمَا رَوَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَنْ عُثْمَانَ " أَنَّهُ أَتَى بِلَحْمِ صَيْدٍ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: كُلُوا: فَقَالُوا أَلَا تَأْكُلُ؟ فَقَالَ إنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إنَّمَا صِيدَ لِأَجْلِي " (وَإِنْ نَقَلَ) مُحْرِمٌ (بَيْضَ صَيْدٍ سَلِيمًا فَفَسَدَ) بِنَقْلِهِ، وَلَوْ كَانَ بَاضَ عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ مَتَاعِهِ وَنَقَلَهُ بِرِفْقٍ ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ مَكَانه لِتَلَفِهِ بِسَبَبِهِ (أَوْ أَتْلَفَ) مُحْرِمٌ بَيْضَ صَيْدٍ (غَيْرَ مُذْرٍ) غَيْرَ (مَا فِيهِ فَرْخٌ مَيِّتٌ) ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ مَكَانَ إتْلَافِهِ إيَّاهُ فَإِنْ كَانَ مَذِرًا أَوْ فِيهِ فَرْخٌ مَيِّتٌ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ (إلَّا) مَا كَانَ مِنْ (بَيْضِ النَّعَامِ) فَيَضْمَنُهُ (لِأَنَّ لِقِشْرِهِ قِيمَةً) فَيَضْمَنُهَا وَإِنْ فَسَدَ مَا فِيهِ (أَوْ حَلَبَ) مُحْرِمٌ (صَيْدًا) صَادَهُ فِي إحْرَامِهِ وَلَوْ بَعْدَ حِلِّهِ أَوْ مَحِلٌّ مَا صَادَهُ بِالْحَرَمِ وَلَوْ بَعْدَ إخْرَاجِهِ إلَى الْحِلِّ (ضَمِنَهُ) أَيْ الْحَلِيبَ (بِقِيمَتِهِ نَصًّا مَكَانه) أَيْ الْإِتْلَافِ أَمَّا الْبَيْضُ فَلِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ " فِي بَيْضِ النَّعَامِ قِيمَتُهُ " وَلِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ فَوَجَبَتْ فِيهِ الْقِيمَةُ وَحَدِيثُ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا {فِي بَيْضِ النَّعَامِ ثَمَنُهُ} الْمُرَادُ قِيمَتُهُ وَأَمَّا اللَّبَنُ فَلِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكَانَ فِيهِ قِيمَتُهُ، يَفْعَلُ بِهَا كَجَزَاءِ صَيْدٍ لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ وَإِنْ كَسَرَ بَيْضَةً فَخَرَجَ مِنْهَا فَرْخٌ وَعَاشَ فَلَا شَيْءَ فِيهَا لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا (وَلَا يَمْلِكُ مُحْرِمٌ صَيْدًا ابْتِدَاءً) أَيْ مِلْكًا مُتَجَدِّدًا (بِغَيْرِ إرْثٍ) فَلَا يَمْلِكُهُ بِشِرَاءٍ وَلَا هِبَةٍ وَنَحْوِهِمَا، وَلَوْ بِوَكِيلِهِ أَوْ نَصَبَ أُحْبُولَةً قَبْلَ إحْرَامِهِ، فَوَقَعَ فِيهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ لِخَبَرِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ السَّابِقِ وَلِأَنَّ الصَّيْدَ لَيْسَ مَحَلًّا لِتَمَلُّكِ الْمُحْرِمِ لِتَحْرِيمِهِ عَلَيْهِ كَالْخَمْرِ، وَيَمْلِكُهُ بِالْإِرْثِ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ مِنْهُ فِيهِ فَيُشْبِهُ الِاسْتِدَامَةَ وَفِي مَعْنَى الْإِرْثِ تَنَصُّفُ الصَّدَاقِ وَسُقُوطُهُ وَإِنْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارٍ لَزِمَهُ إرْسَالُهُ (فَلَوْ قَبَضَهُ) أَيْ الصَّيْدَ (مُحْرِمٌ هِبَةً أَوْ رَهْنًا أَوْ بِشِرَاءٍ لَزِمَهُ رَدُّهُ) إلَى مَنْ أَقْبَضَهُ إيَّاهُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ قَابِضِهِ الْمُحْرِمِ (إنْ تَلِفَ) الصَّيْدُ (قَبْلَهُ) أَيْ الرَّدِّ (الْجَزَاءُ) لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ (مَعَ قِيمَتِهِ) لِمَالِكِهِ (فِي هِبَةٍ وَشِرَاءٍ) لِوُجُودِ مُقْتَضَى الضَّمَانَيْنِ وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ لِمَالِكِهِ فِي رَهْنٍ لِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي صَحِيحِهِ وَلِذَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: لَا يَضْمَنُهُ لَهُ فِي الْهِبَةِ وَإِنْ أَرْسَلَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ فَضَمِنَهُ لِمَالِكِهِ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَإِنْ رَدَّهُ لِرَبِّهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا (وَإِنْ أَمْسَكَهُ) أَيْ الصَّيْدَ (مُحْرِمًا) بِالْحَرَمِ أَوْ الْحِلِّ (أَوْ) أَمْسَكَهُ (حَلَالًا بِالْحَرَمِ فَذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ وَلَوْ بَعْدَ حِلِّهِ) مِنْ إحْرَامِهِ (أَوْ) ذَبَحَهُ مُمْسِكُهُ بِالْحَرَمِ وَلَوْ بَعْدَ (إخْرَاجِهِ مِنْ الْحَرَامِ إلَى الْحِلِّ ضَمِنَهُ) لِأَنَّهُ تَلِفَ بِسَبَبٍ كَانَ فِي إحْرَامِهِ أَوْ فِي الْحَرَمِ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ فَمَاتَ بَعْدَ حِلِّهِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجه مِنْ الْحَرَمِ (وَكَانَ مَا ذَبَحَ لِغَيْرِ حَاجَةِ أَكْلِهِ مَيْتَةً) نَصًّا وَلَوْ لِصَوْلِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ، لِمَعْنًى فِيهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَذَبِيحَةِ الْمَجُوسِيِّ فَسَاوَاهُ فِيهِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي غَيْرِهِ وَمَفْهُومُهُ إنْ كَانَ لِحَاجَةِ أَكْلِهِ فَمُزَكًّى لِحِلِّ فِعْلِهِ وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ تَوْجِيهًا وَقَالَ الْقَاضِي: مَيْتَةٌ (وَإِنْ ذَبَحَ مُحِلٌّ صَيْدَ حَرَمٍ فَكَالْمُحْرِمِ) فَمَا لِغَيْرِ حَاجَةِ أَكْلِهِ مَيْتَةٌ (وَإِنْ كَسَرَ الْمُحْرِمُ بَيْضَ صَيْدٍ حَلَّ لِمَحَلِّ) أَكْلُهُ كَلَبَنِ صَيْدٍ حَلَبَهُ مُحْرِمٌ، لِأَنَّ حِلَّهُ لِلْمُحَلِّ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حَلْبٍ وَلَا كَسْرٍ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا أَهْلِيَّةُ فَاعِلٍ وَكَمَا لَوْ كَسَرَهُ أَوْ حَلَبَهُ مَجُوسِيٌّ وَعُلِمَ مِنْهُ حُرْمَتُهُمَا عَلَى مُحْرِمٍ بَاشَرَ الْحَلْبَ وَالْكَسْرَ أَوْ لَمْ يُبَاشِرْهُمَا (وَمَنْ أَحْرَمَ وَبِمِلْكِهِ صَيْدٌ لَمْ يَزُلْ) مِلْكُهُ عَنْهُ لِقُوَّةِ الِاسْتِدَامَةِ (وَلَا) تَزُولُ عَنْهُ (يَدُهُ الْحُكْمِيَّةُ) الَّتِي لَا يُشَاهِدُهَا، كَبَيْتِهِ وَنَائِبِهِ الْغَائِبِ عَنْهُ (وَلَا يَضْمَنُهُ) أَيْ الصَّيْدَ (مَعَهَا) أَيْ يَدِهِ الْحُكْمِيَّةِ إذَا تَلِفَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إزَالَتُهَا، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ سَبَبٌ فِي تَلَفٍ وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِنَحْوِ بَيْعٍ وَهِبَةٍ (وَمَنْ غَصَبَهُ) أَيْ الصَّيْدَ مِنْ يَدِ مُحْرِمٍ حُكْمِيَّةٍ (لَزِمَهُ رَدُّهُ) إلَيْهَا، لِاسْتِدَامَتِهَا عَلَيْهِ (وَمَنْ أَدْخَلَهُ) أَيْ الصَّيْدَ مِنْ مُحْرِمٍ أَوْ حَلَالٍ (الْحَرَمَ) الْمَكِّيَّ لَزِمَهُ إرْسَالُهُ (أَوْ أَحْرَمَ) رَبُّ صَيْدٍ (وَهُوَ بِيَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ) كَخَيْمَتِهِ أَوْ رَحْلِهِ أَوْ قَفَصٍ مَعَهُ أَوْ حَبْلٍ مَرْبُوطٍ بِهِ (لَزِمَهُ إزَالَتُهَا) أَيْ الْيَدِ الْمُشَاهَدَةِ عَنْهُ (بِإِرْسَالِهِ) فِي مَوْضِعٍ يَمْتَنِعُ فِيهِ لِئَلَّا يَكُونَ مُمْسِكًا لَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَيْهِ، كَحَالَةِ الِابْتِدَاءِ (وَمِلْكُهُ) أَيْ الْمُحْرِمِ عَلَى صَيْدٍ بِيَدِهِ (بَاقٍ) عَلَيْهِ بَعْدَ إرْسَالِهِ لِعَدَمِ مَا يُزِيلُهُ (فَيَرُدُّهُ) أَيْ الصَّيْدَ (آخِذُهُ) عَلَى مَالِكِهِ إذَا حَلَّ (وَيَضْمَنُهُ قَاتِلُهُ) بِقِيمَتِهِ لَهُ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ وَزَوَالُ الْيَدِ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ كَالْغَصْبِ وَالْعَارِيَّةِ وَإِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ) الْمُحْرِمُ أَوْ مَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ بِهِ مِنْ إرْسَالِ صَيْدٍ بِيَدِهِ، بِأَنْ نَفَرَهُ فَلَمْ يَذْهَبْ (وَتَلِفَ) بِغَيْرِ فِعْلِهِ (لَمْ يَضْمَنْهُ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفَرِّطٍ وَلَا مُتَعَدٍّ وَإِذَا تَمَكَّنَ) مِنْ إرْسَالِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ (ضَمِنَهُ) بِالْجَزَاءِ (وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى مُرْسِلِهِ مِنْ يَدِهِ قَهْرًا) لِزَوَالِ حُرْمَةِ يَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ وَلِأَنَّهُ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ اسْتَمَرَّ مُمْسِكًا لَهُ حَتَّى حَلَّ فَمِلْكُهُ بَاقٍ لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ بِالْإِحْرَامِ (وَمَنْ قَتَلَ) وَهُوَ مُحْرِمٌ (صَيْدًا صَائِلًا) عَلَيْهِ (دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ) لَمْ يَحِلَّ وَلَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ الْتَحَقَ بِالْمُؤْذِيَاتِ طَبْعًا، كَالْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَكَالْآدَمِيِّ الصَّائِلِ، وَسَوَاءٌ خَشِيَ مَعَهُ تَلَفًا أَوْ ضَرَرًا بِجَرْحِهِ أَوْ إتْلَافِ مَالِهِ، أَوْ بَعْضِ حَيَوَانَاتِهِ أَوْ أَهْلِهِ (أَوْ) قَتَلَ صَيْدًا (بِتَخْلِيصِهِ مِنْ سَبُعٍ أَوْ شَبَكَةٍ لِيُطْلِقَهُ) لَمْ يَحِلَّ وَلَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لِحَاجَةِ الْحَيَوَانِ (أَوْ قَطَعَ) مُحْرِمٌ (مِنْهُ) أَيْ الصَّيْدِ (عُضْوًا مُتَآكِلًا فَمَاتَ لَمْ يَحِلَّ وَلَمْ يَضْمَنْهُ) لِأَنَّهُ لِمُدَاوَاتِهِ الْحَيَوَانَ أَشْبَهَ مُدَاوَاةَ الْوَلِيِّ مَحْجُورَهُ وَلَيْسَ بِمُتَعَمِّدٍ قَتْلَهُ فَلَا تَتَنَاوَلُهُ الْآيَةُ (وَلَوْ أَخَذَهُ) أَيْ الصَّيْدَ الضَّعِيفَ مُحْرِمٌ (لِيُدَاوِيَهُ فَوَدِيعَةٌ) لَا يَضْمَنُهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا تَأْثِيرَ لِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ فِي تَحْرِيمِ) حَيَوَانٍ (إنْسِيٍّ) كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَدَجَاجٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَيْدٍ وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْبَحُ الْبُدْنَ فِي إحْرَامِهِ فِي الْحَرَمِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ: {أَفْضَلُ الْحَجِّ: الْعَجُّ وَالثَّجُّ} أَيْ إسَالَةُ الدِّمَاءِ بِالذَّبْحِ وَالنَّحْرِ (وَلَا) تَأْثِيرَ لِحَرَمٍ وَإِحْرَامٍ (فِي مُحَرَّمِ الْأَكْلِ) كَكَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَمِرٍ وَأَسَدٍ وَذِئْبٍ وَفَهْدٍ (إلَّا الْمُتَوَلِّدَ) بَيْنَ أَهْلِيٍّ وَوَحْشِيٍّ، أَوْ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ، كَسِمْعٍ فَيَحْرُمُ قَتْلُهُ فِي الْإِحْرَامِ وَالْحَرَمِ، تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ وَيَفْدِي (وَيَحْرُمُ بِإِحْرَامٍ قَتْلُ قَمْلٍ وَصِئْبَانِهِ) مِنْ رَأْسِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ (وَلَوْ بِرَمْيِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّرَفُّهِ بِإِزَالَتِهِ أَشْبَهَ قَطْعَ الشَّعْرِ (وَلَا جَزَاءَ فِيهِ) أَيْ الْقَمْلِ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ أَشْبَهَ الْبَرَاغِيثَ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَيْدٍ و(لَا) يَحْرُمُ قَتْلُ (بَرَاغِيثَ وَقُرَادٍ وَنَحْوِهِمَا) كَدَلَمٍ وَبَقٍّ وَبَعُوضٍ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَرَّدَ بَعِيرَهُ بِالسُّقْيَا أَيْ نَزَعَ الْقُرَادَ مِنْهُ فَرَمَاهُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ (وَيُسَنُّ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَمَعَ وُجُودِ أَذًى وَدُونَهُ (قَتْلُ كُلِّ مُؤْذٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ {أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ خَمْسِ فَوَاسِقَ فِي الْحَرَمِ: الْحِدَأَةِ، وَالْغُرَابِ، وَالْفَأْرَةِ، وَالْعَقْرَبِ، وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي مَعْنَاهَا كُلُّ مُؤْذٍ وَأَمَّا الْآدَمِيُّ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ فَلَا يَحِلُّ قَتْلُهُ إلَّا بِإِحْدَى الثَّلَاثِ لِلْخَبَرِ (وَيُبَاحُ) لِمُحْرِمٍ وَغَيْرِهِ (لَا بِالْحَرَمِ: صَيْدُ مَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ كَسَمَكٍ، وَلَوْ عَاشَ فِي بَرٍّ أَيْضًا، كَسُلَحْفَاةٍ وَسَرَطَانٍ) لِقَوْلِهِ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} وَأَمَّا الْبَحْرُ بِالْحَرَمِ فَيَحْرُمُ صَيْدُهُ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهِ لِلْمَكَانِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ صَيْدِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ (وَطَيْرُ الْمَاءِ بَرِّيٌّ) لِأَنَّهُ يَبِيضُ وَيُفْرِخُ فِي الْبَرِّ فَيَحْرُمُ عَلَى مُحْرِمٍ صَيْدُهُ وَفِيهِ الْجَزَاءُ (وَيُضْمَنُ جَرَادٌ) إذَا أَتْلَفَهُ مُحْرِمٌ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ لِأَنَّهُ يُرَى مُشَاهَدٌ طَيَرَانُهُ فِي الْبَرِّ وَيُهْلِكُهُ الْمَاءُ إذَا وَقَعَ فِيهِ كَالْعَصَافِيرِ (بِقِيمَتِهِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مِثْلِيٍّ (وَلَوْ بِمَشْيِ مُحْرِمٍ عَلَى) جَرَادٍ (مُفْتَرِشٍ بِطَرِيقٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ (وَكَذَا بَيْضُ طَيْرٍ أَتْلَفَهُ مُحْرِمٌ لِحَاجَةِ مَشْيٍ) عَلَيْهِ (فَيَضْمَنُهُ) (وَلِمُحْرِمٍ احْتَاجَ إلَى فِعْلِ مَحْظُورٍ وَفَعَلَهُ يُفْدَى) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} الْآيَةَ وَحَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَأُلْحِقَ بَاقِي الْمَحْظُورَاتِ وَمَنْ بِبَدَنِهِ شَيْءٌ لَا يُحِبُّ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ أَحَدٌ لَبِسَ وَفَدَى نَصًّا (وَكَذَا لَوْ اُضْطُرَّ كَمَنْ بِالْحَرَمِ) إذَا (اُضْطُرَّ لِذَبْحِ صَيْدٍ) فَلَهُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ (مَيْتَةً فَيَحِقُّ غَيْرُهُ فَلَا يُبَاحُ إلَّا لِمَنْ يُبَاحُ لَهُ أَكْلُهَا) أَيْ الْمَيْتَةِ بِأَنْ يَكُونَ مُضْطَرًّا وَإِنْ رَمَى مَحَلَّ صَيْدًا ثُمَّ أَحْرَمَ قَبْلَ إصَابَتِهِ ضَمِنَهُ، لَا إنْ رَمَاهُ مُحْرِمًا ثُمَّ حَلَّ قَبْلَ إصَابَتِهِ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْإِصَابَةِ فِيهِمَا (السَّابِعُ: عَقْدُ النِّكَاحِ) فَيَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ مِنْ مُحْرِمٍ فَلَوْ تَزَوَّجَ مُحْرِمٌ، أَوْ زَوَّجَ، أَوْ كَانَ وَلِيًّا، أَوْ وَكِيلًا فِيهِ لَمْ يَصِحَّ نَصًّا تَعَمَّدَهُ أَوْ لَا لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ عُثْمَانَ مَرْفُوعًا {لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ} وَلِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ: إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ مُحْرِمٌ فَرَدَّ عُمَرُ نِكَاحَهُ وَعَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ مَعْنَاهُ رَوَاهُمَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ الْوَطْءَ وَدَوَاعِيهِ، فَيَمْنَعُ عَقْدَ النِّكَاحِ كَالْعِدَّةِ (إلَّا فِي حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَلَيْسَ مَحْظُورًا لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَكِنْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ مَيْمُونَةَ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ قَالَ: وَكَانَتْ خَالَتِي وَخَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ} وَلِأَبِي دَاوُد {وَتَزَوَّجَنِي وَنَحْنُ حَلَالَانِ بِسَرِفٍ} وَلِأَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أَبِي رَافِعٍ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ حَلَالًا وَبَنَى بِهَا حَلَالًا وَكُنْت الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا}. قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَوْهَلَ، أَوْ قَالَ: أَوْهَمَ رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ أَيْ سَبَقَ وَهْمُهُ إلَى ذَلِكَ وَكَذَا نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ أَخْطَأَ ثُمَّ قِصَّةُ مَيْمُونَةَ مُعَارَضَةٌ، وَحَدِيثُ عُثْمَانَ لَا مُعَارِضَ لَهُ فَإِنْ ثَبَتَ فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ خَاصٌّ بِهِ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ (وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ لِلْإِحْرَامِ كَشِرَاءِ الصَّيْدِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِحْرَامُ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا (وَتُعْتَبَرُ حَالَتُهُ) أَيْ الْعَقْدِ، لَا حَالَةَ تَوْكِيلٍ (فَلَوْ وَكَّلَ مُحْرِمٌ حَلَالًا صَحَّ عَقْدُهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (بَعْدَ حِلِّ مُوَكِّلِهِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حَلَالٌ حَالَ الْعَقْدِ (وَلَوْ وَكَّلَهُ) أَيْ الْحَلَالُ فِي الْعَقْدِ (حَلَالًا، فَأَحْرَمَ مُوَكِّلٌ فَعَقَدَهُ الْوَكِيلُ حَالَ إحْرَامِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ لِلْخَبَرِ (وَلَمْ يَنْعَزِلْ وَكِيلُهُ) أَيْ الْحَلَالُ فِي الْعَقْدِ (بِإِحْرَامِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (فَإِذَا حَلَّ عَقَدَهُ) وَكِيلُهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ (وَلَوْ) وَقَعَ الْعَقْدُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فَ (قَالَ) الزَّوْجُ (عَقَدَ قَبْلَ إحْرَامِي) وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ بَعْدَهُ (قُبِلَ) قَوْلُ الزَّوْجِ لِدَعْوَاهُ صِحَّةَ الْعَقْدِ ثُمَّ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَانَ أَقْبَضَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ لَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقْبَضَهَا فَلَا طَلَبَ لَهَا بِهِ لِتَضَمُّنِ دَعْوَاهَا أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّهُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ (وَكَذَا إنْ عَكَسَ) فَقَالَتْ: عَقَدَ قَبْلَ إحْرَامِك، وَقَالَ: بَعْدَهُ، فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ فَسْخَهُ فَقُبِلَ إقْرَارُهُ بِهِ (لَكِنْ يَلْزَمُ نِصْفُ الْمَهْرِ) فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَيْهَا غَيْرُ مَقْبُولٍ (وَيَصِحُّ) النِّكَاحُ (مَعَ جَهْلِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (وُقُوعَهُ) بِأَنْ جَهِلَا هَلْ وَقَعَ حَالَ إحْرَامِ أَحَدِهِمَا أَوْ إحْلَالِهِمَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ الصِّحَّةُ (وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ: تَزَوَّجْتُك وَقَدْ حَلَلْت، وَقَالَتْ: بَلْ وَأَنَا مُحْرِمَةٌ صُدِّقَ) الزَّوْجُ لِمَا تَقَدَّمَ (وَتُصَدَّقُ هِيَ فِي نَظِيرَتِهَا فِي الْعِدَّةِ) بِأَنْ قَالَ الزَّوْجُ: تَزَوَّجْتُك بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك، وَقَالَتْ لَهُ: بَلْ قَبْلَهُ، وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَقَوْلُهَا لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى نَفْسِهَا (وَمَتَى أَحْرَمَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ امْتَنَعَتْ مُبَاشَرَتُهُ) أَيْ الْمُحْرِمِ مِنْهُمَا (لَهُ) أَيْ: النِّكَاحِ لِلْخَبَرِ فَلَا يَعْقِدُهُ لِنَفْسِهِ و(لَا) بِوِلَايَةٍ عَامَّةٍ وَلَا تَمْتَنِعُ مُبَاشَرَةُ (نُوَّابِهِ) لِلنِّكَاحِ بِإِحْرَامِهِ (بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ) فَلَهُمْ إذَا كَانُوا حَلَالًا تَزْوِيجُ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ فِيهِ حَرَجٌ بِخِلَافِ نَائِبِهِ فِي تَزْوِيجِ نَحْوِ ابْنَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ عَقْدُهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ حَتَّى يَحِلَّ وَأَمَّا تَزْوِيجُ نُوَّابِهِ لِنَحْوِ بَنَاتِهِمْ وَأَخَوَاتِهِمْ إذَا كَانُوا حَلَالًا فَصَحِيح لِأَنَّهُ لَا نِيَابَةَ لَهُمْ عَنْهُ فِيهِ (وَتُكْرَهُ خِطْبَةُ مُحْرِمٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ أَيْ أَنْ يَخْطُبَ امْرَأَةً أَوْ يَخْطُبَ حَلَالٌ مُحْرِمَةً لِحَدِيثِ عُثْمَانَ مَرْفُوعًا {لَا يُنْكَحُ لِمُحْرِمٍ وَلَا يَنْكِحُ وَلَا يَخْطُبُ} (كَ) مَا يُكْرَهُ لَهُ (خِطْبَةُ عُقْدَةٍ) أَيْ النِّكَاحِ وَتَأْتِي لِدُخُولِهَا فِي عُمُومِ " وَلَا يَخْطُبُ " (وَ) كَمَا يُكْرَهُ لَهُ (حُضُورُهُ وَشَهَادَتُهُ فِيهِ) أَيْ النِّكَاحِ بَيْنَ حَلَالَيْنِ نَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَخْطُبُ قَالَ مَعْنَاهُ: لَا يَشْهَدُ النِّكَاحَ و(لَا) تُكْرَهُ (رَجْعَتُهُ) أَيْ الْمُحْرِمِ لِمُطَلَّقَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ لِأَنَّهَا إمْسَاكٌ وَلِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ مُبَاحَةٌ قَبْلَ الرَّجْعَةِ فَلَا إحْلَالَ، وَكَالتَّكْفِيرِ لِلْمُظَاهِرِ (وَلَا شِرَاءُ أَمَةٍ لِوَطْءٍ) لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَاقِعٌ عَلَى عَيْنِهَا، وَهِيَ تُرَادُ لِلْوَطْءِ وَغَيْرِهِ وَلِذَلِكَ صَحَّ شِرَاءُ نَحْوِ الْمَجُوسِيَّةِ بِخِلَافِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ عَلَى مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ خَاصَّةً وَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُ نَحْوِ مَجُوسِيَّةٍ (الثَّامِنُ: وَطْءٌ يُوجِبُ الْغُسْلَ) وَهُوَ تَغْيِيبُ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ، قُبُلًا كَانَ أَوْ دُبُرًا مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ}. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْجِمَاعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلَى نِسَائِكُمْ} (وَهُوَ) أَيْ الْوَطْءُ (يُفْسِدُ النُّسُكَ قَبْلَ تَحَلُّلٍ أَوَّلَ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا وَلَوْ بَعْدَ وُقُوفٍ نَصًّا لِأَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ قَضَوْا بِفَسَادِ الْحَجِّ وَلَمْ يَسْتَفْصِلُوا وَحَدِيثُ {مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ} أَيْ قَارَبَهُ وَأَمِنَ فَوَاتَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ عَامِدٍ وَنَاسٍ وَجَاهِلٍ وَعَالِمٍ وَمُكْرَهٍ وَغَيْرِهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَعَلَيْهِمَا) أَيْ الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ (الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ) أَيْ النُّسُكِ وَلَا يُخْرَجُ مِنْهُ بِالْوَطْءِ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَحُكْمُهُ كَالْإِحْرَامِ الصَّحِيح لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وَرُوِيَ مَرْفُوعًا " أُمِرَ الْمُجَامِعُ بِذَلِكَ " وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يَجِبُ بِهِ الْقَضَاءُ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ كَالْفَوَاتِ فَيُفْعَلُ بَعْدَ الْإِفْسَادِ كَمَا كَانَ يُفْعَلُ قَبْلَهُ مِنْ وُقُوفٍ وَغَيْرِهِ وَيَجْتَنِبُ مَا يَجْتَنِبُهُ قَبْلَهُ مِنْ وَطْءٍ وَغَيْرِهِ، وَيُفْدَى لِمَحْظُورٍ فَعَلَهُ بَعْدَهُ (وَيَقْضِي) مَنْ فَسَدَ نُسُكُهُ بِالْوَطْءِ، كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا نَصًّا، وَاطِئًا أَوْ مَوْطُوءًا فَرْضًا كَانَ الَّذِي أَفْسَدَهُ أَوْ نَفْلًا (فَوْرًا) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ " فَإِذَا أَدْرَكْت قَابِلًا حُجَّ وَاهْدِ " وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْأَثْرَمُ وَزَادَ " وَحِلَّ إذَا حَلُّوا فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ فَاحْجُجْ أَنْتَ وَامْرَأَتَك وَاهْدِيَا هَدْيًا فَإِنْ لَمْ تَحُجُّوا فَصُومَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمَا " (إنْ كَانَ) الْمُفْسِدُ نُسُكَهُ (مُكَلَّفًا) لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فِي التَّأْخِيرِ (وَإِلَّا) يَكُنْ مُكَلَّفًا، بَلْ بَلَغَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحِجَّةِ الْفَاسِدَةِ (فَيَقْضِي بَعْدَ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ فَوْرًا) لِزَوَالِ عُذْرِهِ وَيُحْرِمُ مَنْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ فِي الْقَضَاءِ (مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَوَّلًا) بِمَا فَسَدَ (إنْ كَانَ) إحْرَامُهُ بِهِ (قَبْلَ مِيقَاتٍ) لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ وَلِأَنَّ دُخُوله فِي النُّسُكِ سَبَبٌ لِوُجُوبِهِ فَيَتَعَلَّقُ بِمَوْضِعِ الْإِيجَابِ كَالنَّذْرِ (وَإِلَّا) يَكُنْ أَحْرَمَ بِمَا فَسَدَ قَبْلَ مِيقَاتٍ، بَلْ أَحْرَمَ مِنْهُ أَوْ دُونَهُ إلَى مَكَّةَ (فَ) إنَّهُ يُحْرِمُ (مِنْهُ) أَيْ الْمِيقَاتِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُجَاوَزَتُهُ بِلَا إحْرَامٍ (وَمَنْ أَفْسَدَ الْقَضَاءَ) فَوَطِئَ فِيهِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ (قَضَى الْوَاجِبَ) الَّذِي عَلَيْهِ بِإِفْسَادِ الْأَوَّلِ و(لَا) يَقْضِي (الْقَضَاءَ) كَقَضَاءِ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ أَفْسَدَهُ وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَزْدَادُ بِقُوَّتِهِ بَلْ يَبْقَى عَلَى مَا كَانَ (وَنَفَقَةُ قَضَاءِ) نُسُكِ (مُطَاوِعَةٍ) عَلَى وَطْءٍ (عَلَيْهَا) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ " وَاهْدِيَا هَدْيًا " أَضَافَ الْفِعْلَ إلَيْهِمَا وَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَهْدِ نَاقَةً وَلْتُهْدِ نَاقَةً " وَلِإِفْسَادِهَا نُسُكًا بِمُطَاوَعَتِهَا أَشْبَهَتْ الرَّجُلَ. (وَ) نَفَقَةُ قَضَاءِ نُسُكِ (مُكْرَهَةٍ عَلَى مُكْرِهٍ) وَلَوْ طَلَّقَهَا لِإِفْسَادِهِ نُسُكِهَا كَنَفَقَةِ نُسُكِهِ وَقِيَاسُهُ: لَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ نَائِمٍ فَعَلَيْهَا نَفَقَةُ قَضَائِهِ (وَسُنَّ تَفَرُّقُهُمَا) أَيْ وَاطِئٍ وَمَوْطُوءَةٍ (فِي قَضَاءٍ مِنْ مَوْضِعِ وَطْءٍ فَلَا يَرْكَبُ مَعَهَا فِي مَحْمَلٍ وَلَا يَنْزِلُ مَعَهَا فِي فُسْطَاطٍ) أَيْ بَيْتِ شَعْرٍ (وَلَا نَحْوِهِ) كَخَيْمَةٍ (إلَى أَنْ يَحِلَّا) مِنْ إحْرَامِ الْقَضَاءِ لِحَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ {أَنَّ رَجُلًا جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَهُمَا مُحْرِمَانِ فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا: أَتِمَّا حَجَّكُمَا ثُمَّ ارْجِعَا وَعَلَيْكُمَا حِجَّةٌ أُخْرَى مِنْ قَابِلٍ، حَتَّى إذَا كُنْتُمَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَصَبْتهَا فَأَحْرِمَا وَتَفَرَّقَا وَلَا يُؤَاكِلُ أَحَدٌ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ ثُمَّ أَتِمَّا مَنَاسِكَكُمَا وَاهْدِيَا} وَرَوَى سَعِيدٌ وَالْأَثْرَمُ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ. (وَ) الْوَطْءُ (بَعْدَهُ) أَيْ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ (لَا يُفْسِدُ نُسُكَهُ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ أَصَابَ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ يَوْمَ النَّحْرِ " يَنْحَرَانِ جَزُورًا بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَجٌّ مِنْ قَابِلٍ " رَوَاهُ مَالِكٌ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْوَاطِئِ بَعْدَ تَحَلُّلٍ أَوَّلَ (شَاةٌ) لِفَسَادِ إحْرَامِهِ (وَ) عَلَيْهِ (الْمُضِيُّ لِلْحِلِّ فَيُحْرِمُ) مِنْهُ يَجْمَعُ فِي إحْرَامِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ (لِيَطُوفَ) لِلزِّيَارَةِ (مُحْرِمًا) لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ ثُمَّ يَسْعَى إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى قَبْلَ الْحَجِّ وَتَحَلَّلَ (وَ عُمْرَةٌ) وَطِئَ فِيهَا (كَحَجٍّ) فِيمَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ (فَيُفْسِدُهَا) وَطْءٌ (قَبْلَ تَمَامِ سَعْيٍ لَا بَعْدَهُ) أَيْ السَّعْيِ (وَقَبْلَ حَلْقٍ) لِأَنَّهُ بَعْدَ تَحَلُّلٍ أَوَّلَ (وَعَلَيْهِ) بِوَطْئِهِ فِي عُمْرَةٍ (شَاةٌ) لِنَقْصِ حُرْمَةِ إحْرَامِهَا عَنْ الْحَجِّ، لِنَقْصِ أَرْكَانِهَا وَدُخُولِهَا فِيهِ إذَا جَامَعَتْهُ، سَوَاءٌ وَطِئَ قَبْلَ تَمَامِ السَّعْيِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الْحَلْقِ (وَلَا فِدْيَةَ عَلَى مُكْرَهَةٍ) فِي وَطْءٍ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لِحَدِيثِ {وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ} وَمِثْلُهَا النَّائِمَةُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَاطِئَ أَنْ يَفْدِيَ عَنْهُمَا أَيْ النَّائِمَةِ وَالْمُكْرَهَةِ (التَّاسِعُ: الْمُبَاشَرَةُ) مِنْ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ (فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لِشَهْوَةٍ) لِلَذَّةٍ وَاسْتِدْعَاءِ الشَّهْوَةِ الْمُنَافِي لِلْإِحْرَامِ (وَلَا تُفْسِدُ) الْمُبَاشَرَةُ (النُّسُكَ) وَلَوْ أَنْزَلَ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ وَلَا إجْمَاعَ وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ لِأَنَّ نَوْعَهُ يُوجِبُ الْحَدَّ وَيَأْتِي تَفْصِيلُ مَا يَجِبُ بِهَا.
وَالْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا فِي وَجْهِهَا لِحَدِيثِ {وَلَا تَتَنَقَّبُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ. (فَتُسْدِلُ) أَيْ تَضَعُ الثَّوْبَ فَوْقَ رَأْسِهَا وَتُرْخِيهِ عَلَى وَجْهِهَا (لِحَاجَةٍ) إلَى سَتْرِ وَجْهِهَا كَمُرُورِ أَجَانِبَ قَرِيبًا مِنْهَا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ {كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا حَاذَوْنَا سَدَلَتْ إحْدَانَا جِلْبَابَهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْأَثْرَمُ قَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا لَهَا أَنْ تُسْدِلَ عَلَى وَجْهِهَا مِنْ فَوْقُ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْفَعَ الثَّوْبَ مِنْ أَسْفَلَ. قَالَ الْمُوَفَّقُ: كَانَ الْإِمَامُ يَقْصِدُ أَنَّ النِّقَابَ مِنْ أَسْفَلِ وَجْهِهَا وَلَا يَضُرُّ مَسُّ الْمَسْدُولِ بَشَرَةِ وَجْهِهَا، خِلَافًا لِلْقَاضِي وَإِنَّمَا مُنِعَتْ مِنْ الْبُرْقُعِ وَالنِّقَابِ لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِسَتْرِ الْوَجْهِ وَمَتَى غَطَّتْهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَدَتْ (وَتَحْرُمُ تَغْطِيَتُهُ) أَيْ وَجْهِ الْمُحْرِمَةِ وَيَجِبُ تَغْطِيَةُ رَأْسِهَا (وَلَا يُمْكِنُهَا تَغْطِيَةُ جَمِيعِ رَأْسِهَا إلَّا بِ) تَغْطِيَةِ (جُزْءٍ مِنْهُ) أَيْ الْوَجْهِ (وَلَا) يُمْكِنُهَا (كَشْفُ جَمِيعِهِ) أَيْ الْوَجْهِ (إلَّا بِ) كَشْفِ (جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ، فَسِتْرُ الرَّأْسِ كُلِّهِ أَوْلَى، لِكَوْنِهِ) أَيْ الرَّأْسِ (عَوْرَةً) فِي الْجُمْلَةِ (وَلَا يَخْتَصُّ سِتْرُهُ بِإِحْرَامٍ) وَكَشْفُ الْوَجْهِ بِخِلَافِهِ (وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا) أَيْ الْمُحْرِمَةِ (مَا يَحْرُمُ عَلَى رَجُلٍ) مُحْرِمٍ، مِنْ إزَالَةِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَطِيبٍ وَقَتْلِ صَيْدٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْخِطَابَ يَشْمَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ (غَيْرَ لِبَاسٍ وَ) غَيْرَ (تَظْلِيلِ مَحْمِلٍ) لِحَاجَتِهَا إلَيْهِ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ إلَّا وَجْهَهَا (وَيُبَاحُ لَهَا) أَيْ الْمُحْرِمَةِ (خَلْخَالٌ وَنَحْوُهُ مِنْ حُلِيٍّ) كَسِوَارٍ وَدُمْلُجٍ وَقُرْطٍ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {نَهَى النِّسَاءَ فِي إحْرَامِهِنَّ عَنْ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ، وَمَا مَسَّ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِنْ الثِّيَابِ وَلْيَلْبَسْنَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَحْبَبْنَ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ مِنْ مُزَعْفَرٍ أَوْ حُلِيٍّ} (وَيُسَنُّ لَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (الْخِضَابُ) بِحِنَّاءٍ (عِنْدَ الْإِحْرَامِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ {مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تُدَلِّكَ الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا فِي حِنَّاءٍ} وَلِأَنَّهُ مِنْ الزِّينَةِ فَاسْتُحِبَّ لَهَا كَالطِّيبِ (وَكُرِهَ) خِضَابٌ (بَعْدَهُ) أَيْ الْإِحْرَامِ مَا دَامَتْ مُحْرِمَةً لِأَنَّهُ مِنْ الزِّينَةِ أَشْبَهَ الْكُحْلَ بِالْإِثْمِدِ وَتُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِ إحْرَامٍ لِمُزَوَّجَةٍ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَغَيْرِهَا: وَيُكْرَهُ لِأَيِّمٍ قَالَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَجَمَاعَةٌ: وَلَا بَأْسَ بِهِ لِرَجُلٍ فِيمَا لَا تَشَبُّهَ فِيهِ بِالنِّسَاءِ (وَإِذَا شَدَّتْ يَدَيْهَا بِخَرِقَةٍ فَدَتْ) لِسِتْرِهَا لَهُمَا بِمَا يَخْتَصُّ بِهِمَا أَشْبَهَ الْقُفَّازَيْنِ، وَكَشَدِّ الرَّجُلِ شَيْئًا عَلَى جَسَدِهِ فَإِنْ لَفَّتْهُمَا مِنْ غَيْرِ شَدٍّ فَلَا فِدْيَةَ، لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ الشَّدُّ لَا التَّغْطِيَةُ كَبَدَنِ الرَّجُلِ (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا) أَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (لُبْسُ قُفَّازَيْنِ) لِلْخَبَرِ فِيهَا وَهُوَ أَوْلَى (وَهُمَا) أَيْ الْقُفَّازَانِ (شَيْءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ) يُدْخَلَانِ فِيهِ لِيَسْتُرَهُمَا (كَمَا يُعْمَلُ لِلْبُزَاةِ وَيَفْدِيَانِ) أَيْ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ (بِلُبْسِهِمَا) أَيْ الْقُفَّازَيْنِ كَبَاقِي الْمَحْظُورَاتِ (وَكُرِهَ لَهُمَا) أَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (اكْتِحَالٌ بِإِثْمِدٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ كُلِّ كُحْلٍ أَسْوَدَ (لِزِينَةٍ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِامْرَأَةٍ مُحْرِمَةٍ " اكْتَحِلِي بِأَيِّ كُحْلٍ شِئْتِ غَيْرَ الْإِثْمِدِ أَوْ الْأَسْوَدِ " و(لَا) يُكْرَهُ اكْتِحَالُهُمَا بِذَلِكَ (لِغَيْرِهَا) أَيْ الزِّينَةِ، كَوَجَعِ عَيْنٍ لِحَاجَةٍ (وَلَهُمَا) أَيْ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مُحْرِمَيْنِ (لُبْسُ مُعَصْفَرٍ) أَيْ مَصْبُوغٍ بِعُصْفُرٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَلَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِهِ وَشَمِّهِ. (وَ) لَهُمَا لُبْسُ ( كُحْلِيٍّ) وَكُلِّ مَصْبُوغٍ بِغَيْرِ وَرْسٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ، إلَّا مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِهِ، أَوْ كَانَ فِي مَعْنَاهُ. (وَ) لَهُمَا (قَطْعُ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ بِغَيْرِ طِيبٍ) لِمَا تَقَدَّمَ، بَلْ هَذَا مَطْلُوبٌ (وَ) لَهُمَا (اتِّجَارٌ وَعَمَلُ صَنْعَةٍ مَا لَمْ يُشْغِلَا) أَيْ الِاتِّجَارُ وَعَمَلُ الصَّنْعَةِ (عَنْ وَاجِبٍ أَوْ مُسْتَحَبٍّ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ " كَانَتْ عُكَاظُ وَمِجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَتَأَثَّمُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِي الْمَوَاسِمِ فَنَزَلَتْ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَ) لَهُمَا (نَظَرٌ فِي مِرْآةٍ لِحَاجَةٍ كَإِزَالَةِ شَعْرٍ بِعَيْنٍ) دَفْعًا لِضَرَرِهِ (وَكُرِهَ) نَظَرُهُمَا فِي مِرْآةٍ (لِزِينَةٍ) وَلَا يُصْلِحُ الْمُحْرِمُ شَعَثًا وَلَا يَنْفُضُ عَنْهُ غُبَارًا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا {إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبَاهِي الْمَلَائِكَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي، أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا} رَوَاهُ أَحْمَدُ (وَلَهُ) أَيْ الرَّجُلِ الْمُحْرِمِ (لُبْسُ خَاتَمٍ) مُبَاحٍ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ عَقِيقٍ وَنَحْوِهِ لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " لَا بَأْسَ بِالْهِمْيَانِ وَالْخَاتَمِ لِلْمُحْرِمِ". وَفِي رِوَايَةٍ " رُخِّصَ لِلْمُحْرِمِ الْهِمْيَانُ وَالْخَاتَمُ " وَلَهُ أَيْضًا خِتَانٌ، وَرَبْطُ جُرْحٍ، وَقَطْعُ عُضْوٍ عِنْدَ حَاجَةٍ وَحِجَامَةٌ (وَيَجْتَنِبَانِ) أَيْ الْمُحْرِمُ وَالْمُحْرِمَةُ وُجُوبًا (الرَّفَثَ) أَيْ الْجِمَاعَ كَمَا تَقَدَّمَ (وَالْفُسُوقَ) أَيْ السِّبَابَ وَقِيلَ: الْمَعَاصِي (وَالْجِدَالَ) وَهُوَ الْمِرَاءُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " هُوَ أَنْ تُمَارِيَ صَاحِبَكَ حَتَّى تُغْضِبَهُ " (وَيُسَنُّ قِلَّةُ كَلَامِهِمَا) أَيْ الْمُحْرِمِ وَالْمُحْرِمَةِ (إلَّا فِيمَا يَنْفَعُ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا {مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ مَرْفُوعًا {مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ} حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَهِيَ مَصْدَرُ فَدَى يَفْدِي فِدَاءً وَشَرْعًا (مَا يَجِبُ بِسَبَبِ نُسُكٍ) كَدَمِ تَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ أَوْ وَاجِبٍ بِفِعْلٍ مَحْظُورٍ فِي إحْرَامٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ (أَوْ) بِسَبَبِ (حَرَمٍ) كَصَيْدِ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ وَنَبَاتِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْفِدْيَةُ (ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ) لَكِنَّ الثَّالِثَ لَا يَخْرُجُ عَنْ الضَّرْبَيْنِ قَبْلَهُ (ضَرْبٌ) يَجِبُ (عَلَى التَّخْيِيرِ وَهُوَ نَوْعَانِ نَوْعٌ) مِنْهُمَا (يُخَيَّرُ فِيهِ) خَرَجَ (بَيْنَ ذَبْحِ شَاةٍ، أَوْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ) مِنْهُمْ (مُدُّ بُرٍّ، أَوْ نِصْفُ صَاعِ تَمْرٍ، أَوْ) نِصْفُ صَاعِ (شَعِيرٍ) أَوْ زَبِيبٍ أَوْ أَقِطٍ وَمِمَّا يَأْكُلُهُ أَفْضَلُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِإِدَامٍ (وَهِيَ فِدْيَةُ لُبْسِ مَخِيطٍ وَطِيبٍ وَتَغْطِيَةِ رَأْسِ) ذَكَرٍ، أَوْ وَجْهِ أُنْثَى (وَإِزَالَةِ أَكْثَرَ مِنْ شَعْرَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ظُفْرَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ؛ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ {لَعَلَّ أَذَاك هَوَامُّ رَأْسِك؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: احْلِقْ رَأْسَك وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ أَوْ اُنْسُكْ شَاةً} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَفْظَةُ (أَوْ) لِلتَّخْيِيرِ وَخُصَّتْ الْفِدْيَةُ بِالثَّلَاثَةِ لِأَنَّهَا جَمْعٌ وَاعْتُبِرَتْ فِي مُوَاضِعَ بِخِلَافِ رُبْعِ الرَّأْسِ وَقِيسَ عَلَى الْحَلْقِ بَاقِي الْمَذْكُورَاتِ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا فِيهِ لِلتَّرَفُّهِ أَشْبَهَتْ الْحَلْقَ، وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ ثَبَتَ الْحُكْمُ فِيهِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ النَّوْعُ (الثَّانِي جَزَاءُ الصَّيْدِ يُخَيَّرُ فِيهِ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ (بَيْنَ) ذَبْحٍ (مِثْلِ) الصَّيْدِ مِنْ النَّعَمِ، وَإِعْطَائِهِ لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ، أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ فَلَا يَخْتَصُّ بِأَيَّامِ النَّحْرِ وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ حَيًّا (أَوْ تَقْوِيمُهُ) أَيْ الْمِثْلِ (بِمَحِلِّ التَّلَفِ لِلصَّيْدِ وَبِقُرْبِهِ) أَيْ مَحِلِّ التَّلَفِ (بِدَرَاهِمَ مَثَلًا يَشْتَرِي بِهَا) أَيْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي هِيَ قِيمَةُ الْمِثْلِ (طَعَامًا) نَصًّا لِأَنَّ كُلَّ مِثْلِيٍّ قُوِّمَ إنَّمَا يُقَوَّمُ مِثْلُهُ، كَمَالِ الْآدَمِيِّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالدَّرَاهِمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْآيَةِ (يُجْزِئُ) إخْرَاجُهُ (فِي فِطْرَةٍ كَوَاجِبٍ فِي فِدْيَةِ أَذًى وَكَفَّارَةٍ) وَهُوَ الْبُرُّ، وَالشَّعِيرُ، وَالتَّمْرُ، وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ طَعَامٍ عِنْدَهُ يَعْدِلُ ذَلِكَ (فَيُطْعِمَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدَّ بُرٍّ، أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ) مِنْ تَمْرٍ، أَوْ زَبِيبٍ، أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ أَقِطٍ (أَوْ يَصُومَ عَنْ طَعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ يَوْمًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} (وَإِنْ بَقِيَ دُونَهُ) أَيْ طَعَامِ مِسْكِينٍ (صَامَ) عَنْهُ (يَوْمًا) كَامِلًا لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَتَبَعَّضُ وَلَا يَجِبُ تَتَابُعُ الصَّوْمِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَ عَنْ بَعْضِ الْجَزَاءِ وَيُطْعِمَ عَنْ بَعْضِهِ نَصًّا لِأَنَّهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ كَبَاقِي الْكَفَّارَاتِ (وَيُخَيَّرُ فِيمَا) أَيْ صَيْدٍ (لَا مِثْلَ لَهُ) مِنْ النَّعَمِ إذَا قَتَلَهُ (بَيْنَ إطْعَامٍ) مَا اشْتَرَاهُ بِقِيمَتِهِ، أَوْ إخْرَاجِهِ عَنْهَا مِنْ طَعَامِهِ مَا يَعْدِلُهَا (وَصِيَامٍ) كَمَا تَقَدَّمَ لِتَعَذُّرِ الْمِثْلِ الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ الْفِدْيَةِ مَا يَجِبُ (مُرَتَّبًا وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا: دَمُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ فَيَجِبُ هَدْيٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ} وَقِيسَ عَلَيْهِ الْقَارِنُ وَتَقَدَّمَ وَإِذَا عَدِمَهُ) أَيْ الْهَدْيَ مُتَمَتِّعٌ، أَوْ قَارِنٌ بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ (أَوْ) عَدِمَ (ثَمَنَهُ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ) نَصًّا لِأَنَّ الظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُ عُسْرَتِهِ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الشِّرَاءِ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَهُوَ مُوسِرٌ بِبَلَدِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَكَرَهُ فِي الْقَوَاعِدِ (صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ: ثَلَاثَةَ) أَيَّامٍ (فِي الْحَجِّ) أَيْ وَقْتِهِ لِأَنَّ الْحَجَّ أَفْعَالٌ لَا يُصَامُ فِيهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} أَيْ فِيهَا (وَالْأَفْضَلُ كَوْنُ آخِرِهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ (يَوْمَ عَرَفَةَ) نَصًّا فَيُقَدِّمُ الْإِحْرَامَ لِيَصُومَهَا فِي إحْرَامِ الْحَجِّ وَاسْتُحِبَّ لَهُ هُنَا صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ لِمَوْضِعِ الْحَاجَةِ (وَلَهُ تَقْدِيمُهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ فَيَصُومُهَا (فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ) لِأَنَّهُ أَحَدُ إحْرَامَيِ التَّمَتُّعِ فَجَازَ فِيهِ الصَّوْمُ كَإِحْرَامِ الْحَجِّ وَلِجَوَازِ تَقْدِيمِ الْوَاجِبِ عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهِ إذَا وُجِدَ سَبَبُ الْوُجُوبِ، كَالْكَفَّارَةِ بَعْدَ الْحَلِفِ قَبْلَ الْحِنْثِ وَسَبَبُ الْوُجُوبِ هُنَا قَدْ وُجِدَ وَهُوَ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَوْمُهَا، قَبْلَ إحْرَامِ عُمْرَةٍ (وَوَقْتُ وُجُوبِهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَيْ صَوْمِهَا (كَ) وَقْتِ وُجُوبِ (هَدْيٍ) لِأَنَّهَا بَدَلُهُ وَتَقَدَّمَ: يَجِبُ بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ. (وَ) صَامَ (سَبْعَةَ) أَيَّامٍ (إذَا رَجَعَ لِأَهْلِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} أَيْ هَدْيًا {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ، تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} (وَإِنْ صَامَهَا) أَيْ السَّبْعَةَ أَيَّامٍ (قَبْلَ) رُجُوعِهِ إلَى أَهْلِهِ (بَعْدَ إحْرَامٍ بِحَجٍّ) وَفَرَاغِهِ مِنْهُ (أَجْزَأَهُ) صَوْمُهَا وَالْأَفْضَلُ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ (لَكِنْ لَا يَصِحُّ) صَوْمُ شَيْءٍ مِنْهَا (أَيَّامَ مِنًى) نَصًّا لِبَقَاءِ أَعْمَالٍ مِنْ الْحَجِّ قَالُوا: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إذَا رَجَعْتُمْ} أَيْ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ وَيَجُوزُ صَوْمُهَا بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. قَالَ الْقَاضِي: إذَا كَانَ قَدْ طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ وَيَصِحُّ فِي صَوْمِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامِ مِنًى وَتَقَدَّمَ (وَمَنْ لَمْ يَصُمْ الثَّلَاثَةَ فِي أَيَّامِ مِنًى) وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ (صَامَ) بَعْدَ ذَلِكَ (عَشَرَةً) كَامِلَةً (وَعَلَيْهِ دَمٌ) لِتَأْخِيرِهِ وَاجِبًا مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ عَنْ وَقْتِهِ كَتَأْخِيرِ رَمْيِ جِمَارٍ عَنْهَا (مُطْلَقًا) أَيْ لِعُذْرٍ وَغَيْرِهِ (وَكَذَا إنْ أَخَّرَ الْهَدْيِ عَنْ أَيَّامِ النَّحْرِ بِلَا عُذْرٍ) فَيَلْزَمُهُ دَمٌ بِتَأْخِيرِهِ لِذَلِكَ لِمَا مَرَّ (وَلَا يَجِبُ تَتَابُعٌ وَلَا تَفْرِيقٌ فِي صَوْمِ الثَّلَاثَةِ وَلَا) فِي صَوْمِ (السَّبْعَةِ وَلَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ إذَا قَضَاهَا) وَكَذَا لَوْ صَامَ الثَّلَاثَةَ أَيَّامَ مِنًى وَأَتْبَعَهَا بِالسَّبْعَةِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِهَا مُطْلَقٌ فَلَا يَقْتَضِي جَمْعًا وَلَا تَفْرِيقًا (وَلَا يَلْزَمُ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ بَعْدَ وُجُوبِ صَوْمٍ) بِأَنْ كَانَ يَعُدَّ يَوْمَ النَّحْرِ (انْتِقَالٌ عَنْهُ) أَيْ الصَّوْمِ (شُرِعَ فِيهِ) أَيْ الصَّوْمُ (أَوَّلًا) اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْوُجُوبِ، فَقَدْ اسْتَقَرَّ الصَّوْمُ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ أَخْرَجَ الْهَدْيَ إذَنْ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَإِنْ صَامَ قَبْلُ لِعُسْرَتِهِ ثُمَّ أَيْسَرَ وَقْتَ وُجُوبِهِ فَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ، وَإِطْلَاقُ الْأَكْثَرِينَ: يُخَالِفُهُ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ تَصْرِيحٌ بِهِ ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ النَّوْعُ (الثَّانِي) مِنْ الضَّرْبِ الثَّانِي (الْمُحْصَرُ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ} (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) هَدْيًا (صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ) بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ (ثُمَّ حَلَّ) قِيَاسًا عَلَى دَمِ تَمَتُّعٍ وَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ الصَّوْمِ (النَّوْعُ الثَّالِثُ) مِنْ الضَّرْبِ الثَّانِي (فِدْيَةُ الْوَطْءِ وَيَجِبُ بِهِ) أَيْ الْوَطْءِ (فِي حَجٍّ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ بَدَنَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا) أَيْ الْبَدَنَةَ (صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثَلَاثَةً فِيهِ) أَيْ الْحَجِّ (وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ) أَيْ فَرَغَ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ، كَدَمِ مُتْعَةٍ، لِقَضَاءِ الصَّحَابَةِ (وَ) يَجِبُ بِوَطْءٍ (فِي عُمْرَةٍ شَاةٌ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ (وَالْمَرْأَةُ) إنْ طَاوَعَتْ (كَالرَّجُلِ) فِيمَا ذُكِرَ (الضَّرْبُ الثَّالِثُ: دَمٌ وَجَبَ لِفَوَاتِ) الْحَجِّ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَنَّ مَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي (أَوْ) وَجَبَ لِ (تَرْكِ وَاجِبٍ) مِنْ وَاجِبَاتِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَتَأْتِي (أَوْ) وَجَبَ (لِمُبَاشَرَةٍ دُونَ فَرْجٍ فَمَا أَوْجَبَ) مِنْهُ (بَدَنَةً كَمَا لَوْ بَاشَرَ دُونَ فَرْجٍ فَأَنْزَلَ أَوْ كَرَّرَ النَّظَرَ) فَأَنْزَلَ (أَوْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ لِشَهْوَةٍ فَأَنْزَلَ) أَيْ أَمْنَى (أَوْ اسْتَمْنَى فَأَمْنَى فَحُكْمُهَا) أَيْ الْبَدَنَةِ الْوَاجِبَةِ بِذَلِكَ (كَبَدَنَةِ وَطْءٍ) فِي فَرْجٍ قِيَاسًا عَلَيْهَا فَإِذَا وَجَدَهَا نَحَرَهَا، وَإِلَّا صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ، أَشْبَهَ الْوَطْءَ (وَمَا أَوْجَبَ) مِنْ ذَلِكَ (شَاةً، كَمَا لَوْ أَمَذَى بِذَلِكَ) أَيْ الْمُبَاشَرَةِ دُونَ الْفَرْجِ وَتَكْرَارُ النَّظَرِ وَالتَّقْبِيلِ وَاللَّمْسِ لِشَهْوَةٍ فَكَفِدْيَةٍ أَذًى (أَوْ بَاشَرَ وَلَمْ يُنْزِلْ، أَوْ أَمْنَى بِنَظْرَةٍ فَكَفِدْيَةِ أَذًى) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّرَفُّهِ وَكَذَا لَوْ وَطِئَ فِي الْعُمْرَةِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَنْ وَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ فِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ التَّقْصِيرِ " عَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ " رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَكَذَا لَوْ وَطِئَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فِي الْحَجِّ (وَخَطَأَ فِي الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ مَا ذُكِرَ مِنْ مُبَاشَرَةٍ دُونَ فَرْجٍ، وَتَكْرَارِ نَظَرٍ، وَتَقْبِيلٍ وَلَمْسٍ لِشَهْوَةٍ، أَنْزَلَ أَوْ أَمَذَى أَوْ لَا (كَعَمْدٍ) فِي حُكْمِ الْفِدْيَةِ كَالْوَطْءِ (وَأُنْثَى مَعَ شَهْوَةٍ) فِيمَا سَبَقَ (كَرَجُلٍ) فِيمَا يَجِبُ مِنْ الْفِدْيَةِ كَالْوَطْءِ (وَمَا وَجَبَ) مِنْ فِدْيَةٍ (لِفَوَاتِ) حَجٍّ (أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ فَكَمُتْعَةٍ) تَجِبُ شَاةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ مَا اقْتَضَاهُ إحْرَامُهُ أَشْبَهَ الْمُتَرَفِّهِ بِتَرْكِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ فِي الْفَوَاتِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَ النَّحْرِ؛ لِأَنَّ الْفَوَاتَ إنَّمَا يَكُونُ بِطُلُوعِ فَجْرِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ (وَلَا شَيْءَ) أَيْ لَا فِدْيَةَ (عَلَى مَنْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ) لِحَدِيثِ {عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَتَكَلَّمْ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَا يُقَاسُ عَلَى تَكْرَارِ النَّظَرِ؛ لِأَنَّهُ دُونَهُ فِي اسْتِدْعَاءِ الشَّهْوَةِ وَإِفْضَائِهِ إلَى الْإِنْزَالِ، وَيُخَالِفُهُ فِي التَّحْرِيمِ إذَا تَعَلَّقَ بِأَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ فِي الْكَرَاهَةِ إذَا تَعَلَّقَ بِمُبَاحَةٍ فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ.
وَمَنْ كَرَّرَ مَحْظُورًا فِي إحْرَامِهِ مِنْ جِنْسٍ غَيْرِ قَتْلِ صَيْدٍ (بِأَنْ حَلَقَ) شَعْرًا وَأَعَادَهُ (أَوْ قَلَّمَ) أَظْفَارَهُ وَأَعَادَهُ (أَوْ لَبِسَ) الْمَخِيطَ وَأَعَادَ لُبْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ وَكَذَا لَوْ تَعَدَّدَ السَّبَبُ فَلَبِسَ لِبَرْدٍ ثُمَّ نَزَعَ أَوْ لَا ثُمَّ لَبِسَ لِنَحْوِ مَرَضٍ (أَوْ تَطَيَّبَ) وَأَعَادَهُ (أَوْ وَطِئَ وَأَعَادَهُ) بِالْمَوْطُوءَةِ أَوْ غَيْرِهَا (قَبْلَ التَّكْفِيرِ) عَنْ أَوَّلِ مَرَّةٍ فِي الْكُلِّ (فَ) عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ (وَاحِدَةٌ) لِلْكُلِّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ لِحَلْقِ الرَّأْسِ فِدْيَةً وَاحِدَةً وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا وَقَعَ فِي دُفْعَةٍ أَوْ دُفُعَاتٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَفَّرَ لِلْمَرَّةِ الْأُولَى (لَزِمَهُ) كَفَّارَةٌ (أُخْرَى) لِلْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ لِعَدَمِ مَا يُسْقِطُهَا، كَمَا لَوْ حَلَفَ وَحَنِثَ وَإِذَا لَبِسَ وَغَطَّى رَأْسَهُ وَلَبِسَ الْخُفَّ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْجَمِيعَ جِنْسٌ وَاحِدٌ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ. (وَ) إنْ كَانَ الْمَحْظُورُ (مِنْ أَجْنَاسٍ) بِأَنْ حَلَقَ وَقَلَّمَ ظُفُرَهُ وَتَطَيَّبَ وَلَبِسَ مَخِيطًا (فَ) عَلَيْهِ (لِكُلِّ جِنْسٍ فِدَاءٌ) تَفَرَّقَتْ أَوْ اجْتَمَعَتْ لِأَنَّهَا مَحْظُورَاتٌ مُخْتَلِفَةُ الْأَجْنَاسِ، فَلَمْ تَتَدَاخَلْ أَجْزَاؤُهَا كَالْحُدُودِ الْمُخْتَلِفَةِ وَعَكْسُهُ إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ. (وَ) عَلَيْهِ (فِي الصُّيُودِ وَلَوْ قُتِلَتْ مَعًا جَزَاءٌ بِعَدَدِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ} وَمِثْلُ الْمُتَعَدِّدِ لَا يَكُونُ مِثْلَ أَحَدِهَا (وَيُكَفِّرُ) وُجُوبًا (مَنْ حَلَقَ) نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا (أَوْ قَلَّمَ) أَظْفَارَهُ كَذَلِكَ (أَوْ وَطِئَ) أَوْ بَاشَرَ كَذَلِكَ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا (أَوْ قَتَلَ صَيْدًا نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا) أَوْ نَائِمًا قَلَعَ شَعْرَةً أَوْ صَوَّبَ رَأْسَهُ إلَى تَنُّورٍ فَأَحْرَقَ اللَّهَبُ شَعْرَهُ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ فَاسْتَوَى عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ، كَإِتْلَافِ مَالِ آدَمِيٍّ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ عَلَى مَنْ حَلَقَ لِأَذًى بِهِ وَهُوَ مَعْذُورٌ فَغَيْرُهُ أَوْلَى قَالَ الزُّهْرِيُّ: تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ مُعْتَمِدًا بِالْكِتَابِ، وَعَلَى الْمُخْطِئِ بِالسُّنَّةِ و(لَا) يُكَفِّرُ (مَنْ لَبِسَ) نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا (أَوْ تَطَيَّبَ) فِي حَالٍ مِنْ ذَلِكَ (أَوْ غَطَّى رَأْسَهُ فِي حَالٍ مِنْ ذَلِكَ) لِحَدِيثِ {عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ} وَلِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّ هَذِهِ بِالْإِزَالَةِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا إتْلَافٌ (وَمَتَى زَالَ عُذْرُهُ) مِنْ نِسْيَانٍ أَوْ جَهْلٍ أَوْ إكْرَاهٍ (أَزَالَهُ) أَيْ اللِّبْسَ أَوْ الطِّيبَ أَوْ تَغْطِيَةَ الرَّأْسِ فَيَنْزِعُ مَا لَبِسَهُ وَيَغْسِلُ الطِّيبَ وَيَكْشِفُ رَأْسَهُ (فِي الْحَالِ) لِحَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ وَفِيهِ {اخْلَعْ عَنْك هَذِهِ الْجُبَّةَ وَاغْسِلْ عَنْك أَثَرَ الْخَلُوقِ - أَوْ قَالَ - أَثَرَ الصُّفْرَةِ وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِك كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّك} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْفِدْيَةِ مَعَ سُؤَالٍ عَمَّا يَصْنَعُ وَتَأْخِيرُهُ الْبَيَانَ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ غَيْرُ جَائِزٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ عُذِرَ بِجَهْلِهِ وَالنَّاسِي فِي مَعْنَاهُ (وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً لِغَسْلِ طِيبٍ) وَهُوَ مُحْرِمٌ (مَسَحَهُ) أَيْ الطِّيبَ بِنَحْوِ خِرْقَةٍ (أَوْ حَكَّهُ بِتُرَابٍ أَوْ نَحْوِهِ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ إزَالَتُهُ (حَسْبَ الْإِمْكَانِ) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَعِينَ فِي إزَالَتِهِ بِخِلَالٍ لِئَلَّا يُبَاشِرَهُ الْمُحْرِمُ (وَلَهُ غَسْلُهُ بِيَدِهِ) لِعُمُومِ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَسْلِهِ، وَلِأَنَّهُ تَارِكٌ لَهُ. (وَ) لَهُ غَسْلُهُ (بِمَائِعٍ) طَاهِرٍ لِمَا مَرَّ وَإِذَا أَخَّرَهُ) أَيْ غَسْلَ الطِّيبِ عَنْهُ (بِلَا عُذْرٍ فَدَى) لِلِاسْتِدَامَةِ أَشْبَهَ الِابْتِدَاءَ وَإِنْ وَجَدَ مَاءً لَا يَكْفِي لِوُضُوئِهِ وَغَسْلِ الطِّيبِ غَسَلَهُ بِهِ وَتَيَمَّمَ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَطْعِ رَائِحَتِهِ بِغَيْرِ الْمَاءِ (وَيَفْدِي مَنْ رَفَضَ إحْرَامَهُ ثُمَّ فَعَلَ مَحْظُورًا) لِلْمَحْظُورِ؛ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ مِنْ الْإِحْرَامِ إمَّا بِكَمَالِ النُّسُكِ أَوْ عِنْدَ الْحَصْرِ، أَوْ بِالْعُذْرِ إذَا شَرَطَ وَمَا عَدَاهَا لَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ بِهِ وَلَا يَفْسُدُ الْإِحْرَامُ بِرَفْضِهِ، كَمَا لَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِفَسَادِهِ فَإِحْرَامُهُ بَاقٍ وَتَلْزَمُهُ أَحْكَامُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِرَفْضِ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ نِيَّةٍ لَمْ يُؤَثِّرْ شَيْئًا وَقَدَّمَ فِي الْفُرُوعِ يَلْزَمُهُ لَهُ دَمٌ (وَمَنْ تَطَيَّبَ قَبْلَ إحْرَامِهِ فِي بَدَنِهِ فَلَهُ اسْتِدَامَتُهُ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ {كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الْمِسْكِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَبِي دَاوُد عَنْهَا {كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى مَكَّةَ فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالْمِسْكِ الْمُطَيَّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَإِذَا عَرِقَتْ إحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا فَيَرَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَنْهَاهَا} و(لَا) يَجُوزُ لِمُحْرِمٍ (لُبْسُ مُطَيَّبٍ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لِحَدِيثِ {لَا تَلْبَسُوا مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الْوَرْسُ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِذَا فَعَلَ) أَيْ لَبِسَ مُطَيَّبًا بَعْدَ إحْرَامِهِ فَدَى (أَوْ اسْتَدَامَ لُبْسَ مَخِيطٍ أَحْرَمَ فِيهِ وَلَوْ لَحْظَةً فَوْقَ) الْوَقْتِ (الْمُعْتَادِ مِنْ خَلْعِهِ فَدَى)؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ كَابْتِدَائِهِ (وَلَا يَشُقُّهُ) لِحَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ وَلِأَنَّهُ إتْلَافُ مَالٍ بِلَا حَاجَةٍ وَلَوْ وَجَبَ الشَّقُّ أَوْ الْفِدْيَةُ بِالْإِحْرَامِ فِيهِ لَبَيَّنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَإِنْ لَبِسَ) مُحْرِمٌ (أَوْ افْتَرَشَ مَا كَانَ مُطَيَّبًا وَانْقَطَعَ رِيحُهُ) أَيْ الطِّيبِ مِنْهُ (وَيَفُوحُ) رِيحُهُ (بِرَشِّ مَاءٍ) عَلَى مَا كَانَ مُطَيَّبًا وَانْقَطَعَ رِيحُهُ (وَلَوْ) افْتَرَشَهُ (تَحْتَ حَائِلٍ غَيْرَ ثِيَابِهِ لَا يَمْنَعُ الْحَائِلُ رِيحَهُ وَلَا مُبَاشَرَتَهُ فَدَى)؛ لِأَنَّهُ مُطَيَّبٌ اسْتَعْمَلَهُ، لِظُهُورِ رِيحِهِ عِنْدَ رَشٍّ، وَالْمَاءُ لَا رِيحَ لَهُ وَإِنَّمَا الرِّيحُ مِنْ الطِّيبِ الَّذِي فِيهِ وَإِنْ مَسَّ طِيبًا يَظُنُّهُ يَابِسًا فَبَانَ رَطْبًا فَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ وَجْهَانِ صَوَّبَ فِي الْإِنْصَافِ وَتَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ.
وَكُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ تَعَلَّقَ بِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ كَجَزَاءِ صَيْدِ حَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ (وَمَا وَجَبَ) مِنْ فِدْيَةٍ (لِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ) لِ (فَوَاتِ) حَجٍّ (أَوْ) وَجَبَ (بِفِعْلٍ مَحْظُورٍ فِي حَرَمٍ) كَلُبْسٍ وَوَطْءٍ فِيهِ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " الْهَدْيُ وَالْإِطْعَامُ بِمَكَّةَ " (وَ) كَذَا (هَدْيُ تَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ) وَمَنْذُورٍ وَنَحْوِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} وَقَالَ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} وَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَاقِي (يَلْزَمُ ذَبْحُهُ) أَيْ الْهَدْيِ (فِي الْحَرَمِ) قَالَ أَحْمَدُ: مَكَّةُ وَمِنًى وَاحِدٌ وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا {كُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ} رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ {مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ} وَإِنَّمَا أَرَادَ الْحَرَمَ لِأَنَّهُ كُلُّهُ طَرِيقٌ إلَيْهَا وَالْفَجُّ الطَّرِيقُ (وَ) يَلْزَمُ (تَفْرِقَةُ لَحْمِهِ) أَيْ الْهَدْيِ الْمَذْكُورِ لِمَسَاكِينِهِ (أَوْ إطْلَاقُهُ لِمَسَاكِينِهِ) أَيْ الْحَرَمِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذَبْحِهِ بِالْحَرَمِ التَّوْسِعَةُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَحْصُلُ بِإِعْطَاءِ غَيْرِهِمْ، وَكَذَا الْإِطْعَامُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " الْهَدْيُ وَالْإِطْعَامُ بِمَكَّةَ " وَلِأَنَّهُ يَنْفَعُهُمْ كَالْهَدْيِ (وَهُمْ) أَيْ مَسَاكِينُ الْحَرَمِ (الْمُقِيمُ بِهِ) أَيْ الْحَرَمِ (وَالْمُجْتَازُ) بِالْحَرَمِ (مِنْ حَاجٍّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ أَخْذُ زَكَاةٍ لِحَاجَةٍ) وَلَوْ تَبَيَّنَ غِنَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَزَكَاةٍ (وَالْأَفْضَلُ نَحْرُ مَا وَجَبَ بِحَجٍّ بِمِنًى؛ وَنَحْرُ مَا وَجَبَ بِعُمْرَةٍ بِالْمَرْوَةِ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَالِكٍ وَمَنْ تَبِعَهُ (وَإِنْ سَلَّمَهُ) أَيْ الْهَدْيَ حَيًّا (لَهُمْ) أَيْ مَسَاكِينِ الْحَرَمِ (فَنَحَرُوهُ أَجْزَأَهُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَإِلَّا) يَنْحَرُوهُ (اسْتَرَدَّهُ) وُجُوبًا (وَنَحَرَهُ) لِوُجُوبِ نَحْرِهِ وَإِذَا أَبَى) اسْتِرْدَادَهُ (أَوْ عَجَزَ) عَنْ اسْتِرْدَادِهِ (ضَمِنَهُ) لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ لِعَدَمِ بَرَاءَتِهِ (وَالْعَاجِزُ عَنْ إيصَالِهِ) أَيْ مَا وَجَبَ ذَبْحُهُ بِالْحَرَمِ (إلَى الْحَرَمِ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يُرْسِلُهُ مَعَهُ (يَنْحَرُهُ حَيْثُ قَدَرَ وَيُفَرِّقُهُ بِمَنْحَرِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا} (وَتُجْزِئُ فِدْيَةُ أَذًى وَ) فِدْيَةُ (لُبْسٍ وَ) فِدْيَةُ (طِيبٍ وَنَحْوِهَا) كَتَغْطِيَةِ رَأْسٍ (وَ) سَائِرِ (مَا وَجَبَ بِفِعْلٍ مَحْظُورٍ فَعَلَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ بِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِ " يُجْزِئُ " أَيْ الْحَرَمِ (وَلَوْ) فَعَلَهُ (لِغَيْرِ عُذْرٍ) كَسَائِرِ الْهَدْيِ (وَ) يُجْزِئُ أَيْضًا (حَيْثُ وُجِدَ) الْمَحْظُورُ، لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ بِالْفِدْيَةِ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَهِيَ مِنْ الْحِلِّ وَاشْتَكَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رَأْسَهُ فَحَلَقَهُ عَلِيٌّ وَنَحَرَ عَنْهُ جَزُورًا بِالسُّقْيَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُمَا (وَدَمُ إحْصَارٍ حَيْثُ أُحْصِرَ) مِنْ حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ نَصًّا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {نَحَرَ هَدْيَهُ فِي مَوْضِعِهِ بِالْحُدَيْبِيَةِ} وَهِيَ مِنْ الْحِلِّ قَالَ تَعَالَى: {وَصَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}. (وَ) يُجْزِئُ (صَوْمٌ وَحَلْقٌ بِكُلِّ مَكَان) لِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ إلَى أَحَدٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَخْصِيصِهِ بِالْحَرَمِ، وَلِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ (وَالدَّمُ الْمُطْلَقُ كَأُضْحِيَّةٍ) أَيْ يُجْزِئُ فِيهِ مَا يُجْزِئُ فِيهَا فَإِنْ قُيِّدَ بِنَحْوِ بَدَنَةٍ تَقَيَّدَ (جِذْعُ ضَأْنٍ) لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ (أَوْ ثَنِيُّ مَعْزٍ) لَهُ سَنَةٌ (أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ، أَوْ) سُبْعُ (بَقَرَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي التَّمَتُّعِ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ}. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " شَاةٌ أَوْ شَرَكٌ فِي دَمٍ " وَقَوْلُهُ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} فَسَّرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ بِذَبْحِ شَاةٍ وَقِيسَ عَلَيْهَا الْبَاقِي وَإِذَا ذَبَحَ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ مُطْلَقٌ (إحْدَاهُمَا) أَيْ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً (فَ) هُوَ (أَفْضَلُ) مِمَّا تَقَدَّمَ لِأَنَّهَا أَوْفَرُ لَحْمًا وَأَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ (وَتَجِبُ كُلُّهَا) لِأَنَّهُ اخْتَارَ الْأَعْلَى لِأَدَاءِ فَرْضِهِ فَكَانَ كُلُّهُ وَاجِبًا كَالْأَعْلَى مِنْ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ إذَا اخْتَارَهُ (وَتُجْزِئُ عَنْ بَدَنَةٍ وَجَبَتْ وَلَوْ فِي) جَزَاءِ (صَيْدِ بَقَرَةٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ {كُنَّا نَنْحَرُ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ فَقِيلَ لَهُ: وَالْبَقَرَةُ؟ فَقَالَ: وَهَلْ هِيَ إلَّا مِنْ الْبُدْنِ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ (كَعَكْسِهِ) أَيْ كَمَا تُجْزِئُ بَدَنَةٌ عَنْ بَقَرَةٍ وَجَبَتْ وَلَوْ فِي صَيْدٍ. (وَ) يُجْزِئُ (عَنْ سَبْعِ شِيَاهٍ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ مُطْلَقًا) أَيْ وَجَدَ الشِّيَاهَ أَوْ عَدِمَهَا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ أَوْ غَيْرِهِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ {أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
|